الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حين أُعلنت مبادرة إدخال الذكاء الاصطناعي في مناهج التعليم العام، عادت بي الذاكرة الى أستاذي المتقاعد الذي درسني في مرحلة الدكتوراه بالولايات المتحدة. بدأ مسيرته مهندسًا كهربائيًا في الجيش الأمريكي منتصف القرن الماضي، وعايش عن قرب اختراع الترانزستور، اللبنة الأساسية لثورة الاتصالات وتقنية المعلومات التي ننعم بمنتجاتها وخدماتها الان- فبدونه لا انترنت، ولا هواتف محمولة، ولا ذكاء اصطناعي، ولا وسائل تواصل اجتماعي ممكن- جمع بين الخبرة العملية والمعرفة الأكاديمية، وبعد تقاعده كرّس جهوده لتبسيط مناهج العلوم والتقنية في المدارس الثانوية، مؤمنًا بأهمية تمكين الأجيال القادمة من أدوات المستقبل.
مثل هذه التجارب من الدول المتقدمة تؤكد أهمية إشراك العلماء والخبراء في إثراء المناهج، ونقل المعرفة بلغة مفهومة وملهمة وبسيطة. إن توظيف خبرات المتخصصين – كما فعل أستاذي – يمثل ركيزة أساسية لجعل الذكاء الاصطناعي أداة تعليمية فعالة ومتكاملة ويستخدم أدواته باحتراف.
في ظل التوجه الوطني لتطوير التعليم العام بالمملكة وفقا لمستهدفات الرؤية2030، ومواكبة التحولات الرقمية العالمية، تبرز مبادرة إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم كخطوة استراتيجية نحو بناء جيل قادر على المنافسة في اقتصاد المستقبل. غير أن تحقيق هذا الهدف الطموح يتطلب تعزيز المحتوى التعليمي ورفع كفاءة التدريس في مجالات التقنية وأدوات الثورة الصناعية الرابعة التي احدى ادواتها الذكاء الاصطناعي.
ومن هنا، تبرز فرصة نوعية في الاستفادة من أساتذة الجامعات المتقاعدين، لا سيما المتخصصين في الذكاء الاصطناعي، والبرمجة، وعلوم البيانات، والأمن السيبراني، لتطوير المناهج أو المساهمة في تدريسها للمرحلتين المتوسطة والثانوية. فهذه الكفاءات تمتلك خبرة تراكمية علمية وعملية يمكن أن تسهم مباشرة في سد فجوة المهارات الرقمية، وتقديم محتوى عالي الجودة يرتبط باحتياجات السوق والتطورات التقنية المتسارعة.
إن دمج هذه الكفاءات ضمن مبادرة الذكاء الاصطناعي في التعليم العام سيسهم في تسريع وتيرة التنفيذ، ورفع جودة المخرجات التعليمية، وبناء منظومة مستدامة تعزز الاستثمار في العقول الوطنية.
لذا، قد يكون الوقت مناسب لإطلاق مبادرة او برنامج وطني تحت مظلة وزارة التعليم، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة منها مؤسسات التعليم العالي، يُعنى بحصر واستقطاب الكفاءات المتخصصة سواء متقاعدين او على رأس العمل، للعمل كمستشارين أو مدرسين أو محاضرين زائرين خاصة في المدارس المتوسطة والثانوية لدعم هذا المشروع الوطني النوعي – مبادرة إدخال الذكاء الاصطناعي في مناهج التعليم العام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال