الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لم تكن المملكة يومًا بعيدة عن سوريا، لا في معاناتها ولا في إعادة بناء أملها، بل كانت ولا تزال من أوائل الدول الداعمة لهذا البلد العربي الشقيق، إنسانيًا واقتصاديًا وسياسيًا. فقد قدمت المملكة عبر سنوات الحرب الطويلة مساعدات إغاثية وإنسانية سخية للشعب السوري، وها هي اليوم تعود بقوة لتقود مرحلة جديدة من الدعم تتمثل في إعادة الإعمار وبناء الشراكات الاستراتيجية.
وفي توجيه عاجل من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أعلنت المملكة عن تأسيس مجلس أعمال سعودي – سوري يضم أعضاء من أعلى المستويات، ليكون منصة فعالة لدفع التعاون المشترك وتعزيز الشراكات الاقتصادية في مختلف المجالات.
وفي منتدى الاستثمار السعودي – السوري المنعقد في دمشق بقصر الشعب، شهدت العلاقات بين البلدين قفزة نوعية عبر توقيع 47 اتفاقية اقتصادية واستثمارية بقيمة تتجاوز 24 مليار ريال سعودي، بحضور أكثر من 20 جهة حكومية سعودية، ما يعكس الجدية والالتزام السعودي الكامل بدعم سوريا في هذه المرحلة المفصلية من تاريخها.
وقد شملت الاتفاقيات الموقعة مجالات متعددة أبرزها الزراعة والصناعة والنقل والخدمات اللوجستية والتقنية والطاقة المتجددة، ما يعكس طموح البلدين في بناء نموذج تنموي شامل ومستدام.
ويُلاحظ توافق معظم الاتفاقيات الموقعة مع توجهات رؤية السعودية 2030، خاصة في قطاعات الصناعة، والإسكان، والتقنية، والطاقة المتجددة، مما يعزز من تكامل الرؤى الاستراتيجية بين البلدين، ويفتح آفاقًا جديدة للتنمية المشتركة.
وتأتي هذه المبادرات متسقة مع رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى بناء شراكات اقتصادية إقليمية تُسهم في استقرار المنطقة، وتدفع عجلة النمو والتنمية، وتفتح آفاقًا جديدة للمستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء.
وقد أكد وزير الاستثمار السعودي المهندس خالد الفالح أن “توجيه سمو ولي العهد بتأسيس مجلس أعمال مشترك هو تأكيد على موقف المملكة الثابت تجاه دعم سوريا”، مشيرًا إلى أن استثمارات الأشقاء السوريين في المملكة تتجاوز 10 مليارات ريال، وأن المنتدى يمثل بداية جديدة لتعزيز هذه العلاقات نحو آفاق أوسع.
وأضاف الفالح في تصريحاته: “منذ لحظة وصولنا إلى دمشق، شعرنا أننا نحلّ في أرضٍ نعرفها ونحبها، فالحفاوة والكرم السوري كانا رسالة محبة وصدق في استقبال الوفد السعودي”. كما أشاد بالجهود المشتركة لتفعيل مشاريع حيوية منها مشروع برج الجوهرة في دمشق بدعم سعودي، والذي يُعد رمزًا جديدًا للتعاون بين القطاعين الخاص والعام في البلدين.
هذا الدعم السعودي لا يقتصر على البُعد الاقتصادي فحسب، بل يعكس موقفًا إنسانيًا وأخويًا أصيلًا، يعيد لسوريا مكانتها في محيطها العربي، ويؤكد أن الاستقرار الإقليمي يبدأ من وحدة الصف وتكامل الجهود.
وتتزامن هذه العودة الاقتصادية مع جهود عربية حثيثة لإعادة سوريا إلى محيطها العربي، حيث تُعد المملكة أبرز من يدفع بهذا الاتجاه انطلاقًا من إيمانها بدور سوريا في الاستقرار الإقليمي، وهو ما تجسد بشكل واضح في هذا المنتدى التاريخي.
ومع تفعيل هذه الاتفاقيات، من المتوقع أن تنطلق مشاريع تنموية كبرى تسهم في إعادة الإعمار، وتوفير آلاف فرص العمل، وتنشيط السوق المحلي، ما يُعيد دورة الحياة الاقتصادية في سوريا ويخفف من معاناة الشعب.
وقد قوبلت هذه الخطوات السعودية بترحيب واسع في الشارع السوري، وقد علّق المواطنون والمحللون آمالًا كبيرة على هذه الشراكة لفتح أبواب الأمل وتحسين الحياة الاقتصادية وتوفير فرص العمل، بعد سنوات من الأزمات الخانقة.
ختام ما أقول..
تؤكد المملكة العربية السعودية عبر هذا المنتدى التاريخي أنها كانت ولا تزال سندًا لسوريا وشعبها في أصعب الظروف، وأنها تقف إلى جانب الدول العربية الشقيقة، ليس دعمًا عابرًا، بل استثمارًا طويل الأمد في الاستقرار والتنمية والكرامة الإنسانية.
وما هذه المبادرات إلا تأكيد جديد على أن السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – لا تتخلى عن أشقائها في المحن، بل تمضي بهم بثبات نحو آفاق النهوض والبناء والمستقبل المشرق، وإعادة حضارة سوريا الشقيقة إلى واجهة العالم العربي من جديد.
فحين تعِد السعودية.. تفي، وحين تمدّ يدها، تفعل ذلك بإرادة صادقة لا تعرف التراجع. وسوريا اليوم ليست وحدها، بل خلفها وطنٌ كبير اسمه المملكة العربية السعودية، يرى أن تعافي الشقيق هو منعةٌ للجميع، وأن إعادة إعمار الأرض تبدأ بإحياء الثقة، وبناء الأخوّة، واستعادة الإنسان لكرامته وأمله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال