الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كثير من رواد الأعمال الجدد ينطلقون بحماس الفكرة، وإغراء السوق، ورغبة في دخول عالم المشاريع. لكن السؤال الحقيقي الذي قلّ من يطرحه على نفسه قبل أن يبدأ: هل السوق فعلاً يحتاجني؟ أم أني مجرد نسخة جديدة من مشروع مكرر؟
على سبيل المثال، يمكن النظر إلى قطاع المقاهي في محافظة بيشة. خلال السنوات الأخيرة، شهد هذا القطاع نموًا متسارعًا، حيث افتُتح أكثر من 20 مقهى مختص خلال فترة قصيرة. معظم هذه المقاهي قدمت تجربة متشابهة: ديكور عصري، قائمة مشروبات معتادة، جو هادئ، وموسيقى في الخلفية.
نتيجة لذلك بدأ السوق يعاني من التشبّع. ومع مرور الوقت تراجعت الإيرادات بشكل ملحوظ، وواجه العديد من أصحاب هذه المشاريع صعوبات حقيقية في تغطية التكاليف التشغيلية. ليس لأنهم يفتقرون إلى الجهد أو الشغف، بل لأن العرض أصبح أكبر من الطلب، والتميّز بات عملة نادرة.
في المقابل هناك عدد محدود من المقاهي – لا يتجاوز عدد أصابع اليد – استطاع أن يثبت مكانته ويحافظ على إقبال مستمر وارتفاع الإيرادات. والسبب في ذلك لا يعود إلى الحظ، بل إلى اختيار مسار مختلف في بناء المشروع.
فبدلًا من التركيز على تقليد النموذج الشائع اهتمت هذه المشاريع الناجحة ببناء تجربة متكاملة تبدأ من الهوية، مرورًا بطريقة تقديم المنتج، وانتهاءً ببناء علاقة قوية مع العميل. وبعبارة أخرى، لم يسألوا فقط: “ماذا نبيع؟” بل: “كيف نُشعر العميل؟”
بالتالي يمكن القول إن الفرق بين مشروع ينجح وآخر يتعثر لا يكمن في الفكرة ذاتها، بل في طريقة تنفيذها، وفهم السوق، وتحديد الفجوة بدقة.
ومن هنا تأتي الرسالة الأهم: المشروع لا ينجح لأنه جديد، بل لأنه مختلف. الفكرة الجيدة وحدها لا تكفي، ما لم تُترجم إلى تجربة فريدة وهوية واضحة تضيف للسوق، لا تكرر ما فيه.
بالإضافة إلى ذلك يجب أن ندرك أن ريادة الأعمال لم تعد مجرد مغامرة فردية أو قرار عاطفي. بل مسؤولية وفهم عميق للسوق، وبحث عن ميزة تنافسية حقيقية. فالمشروع الناجح لا يطرح نفسه كبديل فقط، بل كخيار أول.
وفي الختام، إذا كنت تنوي دخول السوق اليوم، فتوقّف قليلًا واسأل نفسك: هل مشروعي القادم مجرد نسخة جديدة؟ أم أنه تجربة مختلفة تستحق أن تُجرّب؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال