الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لم تعد السيرة الذاتية، كما عهدناها، مجرد مستند نصي يُسرد فيه تاريخ العمل والحياة الاجتماعية والمؤهلات على شكل نقاط جافة. في ظل الثورة الرقمية المتسارعة، نشهد اليوم تحولًا نوعيًا في كيفية تقديم الذات مهنياً، إذ بات بالإمكان تحويل السيرة الذاتية إلى فيلم سينمائي قصير، يُروى فيه مشوار الفرد بأسلوب قصصي نابض بالحياة، باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
هذا التحوّل ليس مجرّد ابتكار بصري، بل جزء من سياق أوسع يشهده العالم في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، التي لم تعد تقتصر على النصوص والصور، بل أصبحت قادرة على إنتاج مشاهد مرئية، أصوات، وسيناريوهات ديناميكية تحاكي أساليب السرد السينمائي والوثائقي.
تعتمد هذه التقنية على تحليل عناصر السيرة الذاتية التقليدية وتحويلها إلى تسلسل درامي يحكي القصة المهنية للمتقدم. تُعرض الإنجازات والتجارب لا كقوائم، بل كمشاهد حياتية تعبّر عن التحديات والنجاحات، وتُروى أحيانًا بصوت صاحب السيرة نفسه، باستخدام تقنيات تحويل النص إلى صوت أو استنساخ الصوت الحقيقي.
مثلما اختصرت الطباعة ثلاثية الأبعاد مراحل صناعية كاملة بإنتاج النماذج خلال ساعات، تختصر السيرة الذاتية المصوّرة رحلة التقديم والتعريف بالنفس في دقيقة واحدة، تغني عن عشرات الصفحات والمرفقات. وهذا التحوّل يعكس اتجاهاً جديداً في سوق العمل، حيث تتقدم القصة على المعلومة، والشخصية على المؤهلات المكتوبة.
ولا تقتصر الفائدة على الجانب الفردي، بل تمتد إلى بعد اقتصادي واضح. فهذه الصيغة تخلق سوقًا جديدة لخدمات الإنتاج المرئي والمحتوى المعزز بالذكاء الاصطناعي. كما أنها تولّد فرص دخل جديدة للمطورين والمصممين والمنصات الرقمية، مما يعزز نمو الاقتصاد الرقمي ويرفد سوق العمل الجديد بالمرونة والإبداع.
هذه التجربة تتيح فرصة نادرة لإعادة إحياء السير الذاتية لشخصيات وطنية مرموقة، إذ تزخر مكتباتنا بسير ثرية يمكن تحويلها إلى أعمال سينمائية قصيرة تصل بسهولة إلى الأجيال الشابة، خاصة ممن لا ينجذبون لقراءة الكتب أو النماذج الورقية – وهم الاغلب وجيل المستقبل -، ويستهلكون محتواهم بشكل رئيسي عبر الوسائط الرقمية.
ختاما، لم يعد كافيًا أن “تكتب” سيرتك الذاتية، بل ربما أصبح من الضروري أن “تُخرجها”. ومع دخول الذكاء الاصطناعي إلى مشهد التوظيف، لا يعيد فقط كتابة السيرة الذاتية، بل يعيد رسم مشهدها بالكامل – هذه المرة، على طريقة الفن السابع.
فاصلة:
“الذكاء الاصطناعي هو الكهرباء الجديدة. من لا يتعلمه، سيتخلف عن الركب.”
أندرو إن (خبير ذكاء اصطناعي، مؤسس Coursera )
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال