الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قبل نحو 14 عاما زرت مدينة عنيزة بصحبة أحد أبنائها الصديق سليمان القبيسي الذي جال بي في المدينة كعاشق لا يمكنك “عذله” ، واتذكر جيدا مستوى النظافة والمحافظة على البيئة وكأن المدينة ومسؤوليها يستشرفون تطبيقات الاستدامة قبل أن تصبح “واجبة”.
بعد الظهر توجهنا لأحد المطاعم الخاصة بالكبسة فوجدت على الباب لوحة عليها نجمتين او ثلاث – لا أتذكر الآن – وشعار البلدية ، كانت تشبه اللوحات التي تضعها بعض الفنادق لتوضيح تصنيفها، سألت مضيفي عن ذلك فأفادني ان البلدية أطلقت مشروعا لتصنيف المطاعم، اعجبتني الفكرة التي احسبها الأولى من نوعها في المملكة في ذلك الحين.
في اليوم التالي زرنا بلدية عنيزة والتقينا المسؤولين فيها وعلى رأسهم رئيس البلدية الأستاذ عبدالعزيز البسام، وعرفت ان البلدية أطلقت مرحلة أولى اشعرت فيها جميع المطاعم بضرورة التطوير وتحسين مستواها وإبداء الملاحظات لتلافيها قبل وضع التصنيف الخاص ضمن معايير للتقييم وهي: النظافة والتطهير والاستلام والتخزين وفحص الأغذية والتمييز والآفات والحشرات والتنظيم والديكور.
بعد بضعة اشهر تم إطلاق المرحلة الثانية من حملة تصنيف المطاعم في المحافظة، بهدف وضع التقييم النهائي، وأعطيت النسبة الأكبر للممارسات الجيدة للإعداد والتجهيز والتداول بنسبة 32%، تليها النظافة بنسبة 28%، ويتم وفق هذه المعايير تصنيف المطاعم بإعطائها نجوماً تُشعر المستهلك بجودة المطعم وما يقدمه لزبائنه، وتتراوح النجوم من واحدة إلى خمس نجمات وهي الأعلى، والمطعم الذي يحقق أقل من 55 % من التقييم يعتبر من فئة المطاعم التي لم تحقق الحد الأدنى للشروط الصحية ويتم إغلاقه حتى تحسينه.
أتذكر هذا واجدد الإشادة به وأتمنى أن المشروع لا زال مستمرا وانا اقرأ اعلان وزارة البلديات والإسكان عن إصدار اشتراطات جديدة لتنظيم عمل المطاعم الفاخرة في المملكة، وذلك “ضمن جهودها المستمرة لتشجيع الاستثمار في القطاع وتطوير بيئة الأعمال.”
وتضمنت الاشتراطات إلزام المطاعم الفاخرة بتوفير خدمة متكاملة على الطاولة، واستقبال الزائر من الباب إلى الطاولة، وخدمة صف السيارات، إلى جانب تحديد قواعد لزي الزائر ومنع وجود صندوق محاسبة ظاهر، وحظر تقديم خدمة “طلبات السيارات”، وتوفير نظام حجز رقمي وقنوات لاستقبال الشكاوى، وتخصيص ركن إعداد مشروبات بشكل مرئي، وتقديم قائمة طعام تشمل ثلاثة أقسام رئيسية على الأقل، والاهم من وجهة نظري اشتراط توفير أخصائي صحة وسلامة غذاء معتمد، واشتراطات صغيرة أخرى مثل ” دولاب تعليق المعاطف ” الذي يبدو انه شرط عالمي تمت ترجمته من اجل الشركات العالمية والمستثمرين الأجانب في هذا القطاع خاصة واننا لا نرتدي ” المعاطف ” في الرياض الا خلال شهرين او اقل من كل عام.
تبدو الخطوة لي مهمة وجيدة من ناحية “سياحية” لان المطاعم الفاخرة جزء من اجندة شريحة كبيرة من السياح المحليين والقادمين من الخارج، والرياض على المستوى العربي تفوقت في عدد ومستوى المطاعم الفاخرة مع الزخم الذي تعيشه في السنوات الأخيرة الماضية.
الشرط غير المفهوم اقتصاديا هو اشتراط عدم فتح فرع آخر في نفس المدينة بنفس العلامة التجارية، وهو شرط يمكن الالتفاف عليه بسهولة عبر فتح فرع آخر مع تغيير المسمى وسيعرف الناس ان هذا المطعم يتبع ذاك.
بقي ان نرصد تأثير هذه الاشتراطات على الأسعار حيث سترتفع التكلفة على المستثمرين، وبالتالي سترتفع فاتورة الطعام، وسنرى كيفية النجاح في تحقيق التوزان والاستمرارية وسيكون ذلك بمثابة اختبار جيد لبعض الأسماء التي تقيس مستواها او يقيس البعض مستواها بالأسعار المرتفعة فقط.
الأمر الآخر كيف سيتأكد الزبون او السائح من حصول المطعم على تصنيف ” فاخر”، هل سيكون هناك نظام نجوم او نقاط تكتب على المدخل؟، او دليل رقمي على موقع امانة المدينة او المحافظة يحدد هذه المطاعم؟، وأيضا عندما يخسر المطعم تصنيفه الفاخر، ماذا سيصبح وضعه او تصنيفه؟.
اجمالا الخطوة جيدة ولعل التجريب هو من سيقود الى تقييمها وتعديلها، وهي ستجعل جملة ” فاخر من الآخر” المتداولة شعبيا والتي تطلق مزاجيا على بعض السلع والأماكن والمطاعم تأخذ بعدا آخر حيث سيصبح هناك مطاعم فاخرة باعتماد رسمي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال