الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ظل التحولات الاقتصادية التي تمر بها المملكة نحو الريادة الصناعية العالمية، وفي إطار رؤية وطن طموح، تتبوأ المملكة اليوم مكانة محورية، مدعومة بمقومات ومزايا نسبية فريدة من نوعها تؤهلها لريادة صناعية غير مسبوقة. وكما أشار صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، وزير الطاقة، في حديثه الذي مفاده: إن المملكة قد تأخرت كثيرًا في استغلال مواردها، مقوماتها، وإمكاناتها الصناعية على النحو الأمثل وكما ينبغي، خاصةً بالنظر إلى النهضة الصناعية الصينية الهائلة التي انطلقت في وقت لم تكن فيه الصين معروفة في الأسواق العالمية. إلا أن هذا التأخر لا يثنينا، بل يشعل فينا الحيوية والطموح نحو الازدهار باقتناص كل فرصة نحو الريادة الصناعية العالمية، وتسخير إمكاناتنا وطاقاتنا لتحقيق الريادة العالمية بصناعتنا واستغلال الميزة النسبية ومقوماتها الاقتصادية..
إن حديث سموه، حول تأخر المملكة في استغلال مواردها وإمكاناتها الصناعية في وقت لم تعرف الصين في حينه يمثل نقطة تحول هامة في رؤيتنا لمستقبل الصناعة في المملكة. كذلك إن اعتراف سموه الصريح بهذا التأخر، خاصةً بالمقارنة مع النهضة الصناعية الصينية، يعكس وعيًا عميقًا بالتحديات التي تواجهنا، وفي الوقت نفسه، يبعث برسالة طموحة وملهمة لنا يجب استغلالها بصورة مثلى، وهذا الاستغلال لا شك بالموارد وقدراتنا وطاقتنا البشرية الشابة الحيوية الطموحة.
إن المقارنة بالصين، التي شهدت تحولًا صناعيًا هائلًا في فترة زمنية قصيرة، تدعونا إلى التفكير مليًا في كيفية تسريع وتيرة التنمية الصناعية في المملكة. يجب علينا دراسة العوامل التي ساهمت في نجاح التجربة الصينية، مثل الاستثمار في التعليم والبحث والتطوير، وتبني التكنولوجيا المتقدمة، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار، والتركيز على الصناعات ذات القيمة المضافة العالية. كذلك نصنع شراكات عالمية في ظل الانفتاح العالمي وتبادل المقومات النسبية.
إن تأخرنا في استغلال مواردنا لا يجب أن يكون سببًا لليأس، بل يجب أن يكون دافعًا لنا للعمل بجد وإصرار لتحقيق الريادة الصناعية. لدينا العديد من المقومات التي تؤهلنا لتحقيق ذلك، مثل موقعنا الاستراتيجي، واحتياطاتنا الهائلة من الطاقة، ورأس المال المتوفر، والأهم من ذلك، رؤية قيادتنا الرشيدة وتصميمها على تحقيق التنمية المستدامة، في إطار رؤية وطن حيوي طموح يقودنا نحو الازدهار..
لتحقيق الريادة الصناعية، يجب علينا التركيز على عدة محاور رئيسية، ونلخصها في تطوير البنية التحتية من خلال إنشاء مناطق صناعية متكاملة ومجهزة بأحدث التقنيات، وتطوير شبكات النقل والمواصلات والخدمات اللوجستية، وتوفير مصادر الطاقة والمياه بأسعار تنافسية. كذلك الاستثمار في التعليم والتدريب من خلال تطوير المناهج التعليمية لتلبية احتياجات سوق العمل، وتدريب الكوادر الوطنية على المهارات اللازمة للصناعات المتقدمة، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال. مع الاستمرار في جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال توفير بيئة استثمارية جاذبة، وتقديم حوافز وتسهيلات للمستثمرين، وتسهيل الإجراءات الحكومية. بالإضافة إلى السعى نحو دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير التمويل والتدريب والاستشارات اللازمة لهذه الصناعات، وتشجيعها على الابتكار والتصدير، مع تفعيل دور مجلس الغرف والغرف التجارية في مناطق الممكة. أخيرًا علينا التركيز على الصناعات ذات القيمة المضافة العالية. مثل الصناعات البتروكيماوية، والصناعات الدوائية، والصناعات التقنية، والصناعات الغذائية، وصناعة السياحة.
إن تحقيق الريادة الصناعية ليس هدفًا سهلًا، ولكنه ليس مستحيلًا. بالعمل الجاد والإصرار، وبالاستفادة من مقوماتنا الكامنة والفرص المتاحة، يمكن للمملكة اليوم أن تحقق قفزة نوعية في مجال الصناعة، وأن تصبح قوة صناعية عالمية.
تنطلق المملكة اليوم، بفضل رؤية قيادتنا الرشيدة وفي إطار رؤية 2030، نحو مرحلة جديدة أساسها وقوامها استثمار الموارد البشرية والتقنية والطبيعية الهائلة التي حباها الله بها، وتحويلها إلى قوة دافعة لتنمية صناعات متقدمة ومستدامة. هذه الصناعات، التي تعتمد على الموارد التي تمتلك فيها المملكة ميزة تنافسية عالمية، كفيلة بوضعها في مصاف الدول الصناعية المتقدمة بلا منازع. إنها فرصة ذهبية لإعادة رسم الخريطة الصناعية في المملكة في ظل رؤية 2030، وإعادة برمجتها، ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على المستوى الإقليمي والعالمي، وهي فرصة لا تعوض يجب استغلالها على أكمل وجه وكما ينبغي.
يتطلب تحقيق هذه الريادة الصناعية المنشودة تضافر الجهود وتكاملها، واستراتيجية واضحة المعالم ترتكز على الابتكار والتطوير، والاستثمار في الكفاءات والقدرات البشرية الوطنية، والشراكات الذكية مع القطاع الخاص. إنها رحلة طموحة نحو مستقبل واعaد، تصبح فيه المملكة مركزًا صناعيًا عالميًا، ومصدرًا للإلهام والابتكار. فالمملكة تمتلك ثروات طبيعية هائلة، كالنفط والغاز والمعادن، بالإضافة إلى مواردها وقدراتها البشرية الشابة المؤهلة، مما يمنحها ميزة تنافسية قوية ومتينة. هذه الموارد تشكل أساسًا متينًا لقيام صناعات تحويلية متطورة ذات ميزة نسبية تنافسية. فبدلًا من الاقتصار على تصدير المواد الخام، يمكن للمملكة الاستثمار في معالجتها وتصنيع منتجات ذات قيمة مضافة عالية، مما يضاعف الإيرادات ويولد فرص عمل جديدة. على سبيل المثال، يمكن تطوير صناعات بتروكيماوية متكاملة تحول النفط الخام إلى بلاستيك وكيماويات متخصصة تدخل في صناعات متنوعة مثل السيارات والإلكترونيات والمنتجات الاستهلاكية، بدلًا من مجرد تصدير النفط الخام. هذا التحول النوعي يعزز مكانة المملكة كمركز صناعي إقليمي وعالمي مؤثر. هذا التوجه ليس جديدًا على المملكة، ولكن الأداء لم يكن دائمًا كما هو مخطط له، مما يستدعي تحسينًا مستمرًا وتفعيل وتسريع هذا الجانب والتوجه.
لتحقيق رؤية المملكة 2030 في مجال الصناعات المعتمدة على الموارد، يجب أن تتكامل المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص وتفعيل جهود البحث والتطوير مع استراتيجيات الاستدامة البيئية والاقتصاد الدائري. يمكننا تحقيق ذلك من خلال توجيه الاستثمارات نحو تطوير تقنيات تقلل من الرجيع وتعيد تدوير الموارد بكفاءة عالية، مما يخلق قيمة مضافة ويحمي البيئة. إضافة إلى ذلك، يجب أن نركز على تطوير صناعات متخصصة تعتمد على الابتكار في استخدام الموارد الطبيعية، مثل صناعة المواد المتقدمة والبتروكيماويات المتخصصة، التي تعزز مكانة المملكة كمركز عالمي للصناعات المبتكرة والمستدامة، واستغلال الميزة النسبية. هذا يتطلب بناء منظومة متكاملة تشمل الجامعات ومراكز الأبحاث والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، لكي تعمل بتناغم وتكتيك استراتيجي لتحويل الأفكار إلى منتجات صناعية قابلة للتسويق، وسد الاحتياج العالمي بمنظور ريادي مما يسهم في تنويع الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة للشباب السعودي الحيوي الطموح الذي هو أساس الفكر والابتكار وأحد عناصر وأركان التنمية المستدامة في المملكة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال