الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في معظم الدول التي لا تقدم التعليم الجامعي المجاني الا في اضيق الحدود هناك نوعان من القروض تقدم للطلاب لإكمال تعليمهم الجامعي، القروض الحكومية مثل القروض الفيدرالية في الولايات المتحدة وغيرها، والقروض الخاصة من البنوك ومؤسسات التمويل، وبالطبع هناك المنح من الجامعات للمتميزين، او من مؤسسات غير ربحية تساعد الطلاب الذين يدرسون تخصصات تهتم بها هذه المؤسسات.
الأسبوع الماضي أطلق بنك التنمية الاجتماعية منتج “تمويل التعليم”، الذي يهدف إلى تمكين الطلاب من استكمال دراستهم بعد المرحلة الثانوية من خلال ما اسماه البيان الصادر عن البنك “حلول تمويلية رقمية تُسهم في توسيع فرص الوصول إلى المعرفة، وتوفير الدعم المالي للطلاب الطموحين في مراحل الدبلوم، والبكالوريوس، والماجستير”.
هذه خطوة جيدة تضاف الى الخطوات النوعية اللافتة التي ينفذها البنك منذ اطلاق رؤية المملكة 2030 ، وهي جديرة بالإعجاب والمناقشة خاصة وانه يمكن اعتبارها الى حد ما بداية للقروض الحكومية للتعليم الجامعي رغم ان البنك أوضح ان القروض ستمنح عبر محفظة رقمية تابعة للقطاع الخاص ستوفر 50 مليون ريال لهذا الغرض، ويبدو ان بنك التنمية سيكون بمثابة المنظم بين الأطراف الثلاثة، الطالب او ولي امره، والمحفظة، وجهات التعليم المعتمدة في البرنامج – اذا كان فهمي للخبر صحيحا – .
سقف التمويل المتاح عبر هذا المنتج هو 100 ألف ريال يصرف على دفعات أو دفعة واحدة حسب طبيعة البرنامج الدراسي، ويتم تسديده خلال اربع سنوات ويستحقه من لا يتجاوز دخله الشهري 14500 ريال، وهذا يعني كما يفهم من الخبر ان القرض موجه اما لولي امر الطالب، او لموظف يود اكمال تعليمه.
البنوك التجارية تقدم قرضا شبيها يسدد خلال خمس سنوات وأيضا يتضح من شروطها ان موجهة لولي امر الطالب او الموظف الذي يرغب في الدراسة ، وهذا يطرح سؤالا استشرافيا مستقبليا: متى نرى قروضا مباشرة للطلاب ؟ سيجيب الممولين : عندما يمكن توفير ضمانات كافية للسداد وهذا من حقهم، لكنه أيضا يفتح الباب امام نقاش ثري حول الحلول التي يمكن ان تشارك فيها الحكومة والقطاع للبدء في قروض مباشرة للطلاب.
ان يقترض الطالب ليتعلم هو اهم واسمى هدف، وهو في ظني سيتعلم منه الكثير ماليا وادخاريا وعمليا حيث يمكن بدء رحلة السداد الميسر وهو يدرس اذا تحصل على فرصة عمل جزئي او حر داخل الجامعة وخارجها، ثم هو سيسعى الى التميز الاكاديمي ليحصل على الخصومات او المنح، وأخيرا قد يسعى الى تفوق في تخصصات مهمة ونادرة تجعل من يوظفه بعد التخرج يقدم له ضمن العرض الوظيفي مساعدة في سداد قرضه كليا او جزئيا.
مع الوقت سيزيد التعليم الجامعي المدفوع ويقل التعليم المجاني، والمحور المهم في كل هذا النقاش هو ما ستفعله او تقدمه الجامعات الحكومية في هذا الشأن، وكيف سيكون تكيفها مع المنافسة المقبلة، ولعلي في هذا الصدد اشيد مجددا بالأمر الذي اصدره ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان قبل نحو عامين بتشكيل مجلس إدارة جامعة الملك سعود كبرى الجامعات في المنطقة ضمن تنفيذ هدف تحولها الى مؤسسة اكاديمية مستقلة غير هادفة للربح، وضم المجلس وزراء ومسؤولين من اعلى المستويات ومن القطاعات التي لها علاقة مباشرة ببناء الانسان وتغيير الفكر والممارسة في العملية الدراسية الاكاديمية.
عند صدور هذا القرار كتبت انه يوجد لدينا كمثال يحتذى تجربة ناجحة لجامعة غير ربحية هي جامعة الأمير سلطان بن عبدالعزيز التي كان صاحب فكرتها وتبناها حتى رأت النور والنجاح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله عندما كان اميرا للرياض.
بعض المقتدرين ماليا يود ان يدفع المبلغ الذي يدفعه للجامعة الاهلية لجامعة حكومية عريقة وهذا لا يعني تقليص عوائد الجامعات والكليات الاهلية، انه سيعني مزيدا من التنافس فضلا عن ان الطلب اكثر من العرض وسيظل كذلك لسنوات، واليوم مع تزايد منتجات تمويل التعليم ستتاح للجامعات الحكومية فرص اكبر في تقديم برامج مدفوعة، او منح للتنافس على ابرز والمع الطلاب الذين سيرفعون مستواها وتصنيفها وابحاثها وحتى فرقها الرياضية والمسرحية – ان وجدت – .
افكر بصوت مقروء، وتحتاج الأفكار الى بلورة المتخصصين والاستفادة من تجارب غيرنا، لان التعليم الجامعي يمر بمتغيرات تفرضها اهداف التنمية المستدامة التي جاءت بها الرؤية، واهداف التنويع الاقتصادي التي تحتاج خريجين في مجالات مهمة تمس القطاعات الواعدة والجديدة التي نراهن عليها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال