الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لم يكن “سامي” يعرف أن المكتب الذي دخله صباح الأحد، ليس مجرد غرفة بباب زجاجي ومكتب خشبي، بل تاريخ كامل يمشي على الجدران .. وصدى أسماء قديمة لا تزال تُهمس في الممرات.
سامي، المدير الجديد، استلم المنصب وكل ما يحمله قلبه حماس، وملفاته مليئة بخطط التطوير. ظن أن الناس سيصفقون له بمجرد أن يرفع الشعار الجديد، أو أن الأجهزة ستعمل بكفاءة لمجرد أنه قال كلمة “تحديث”.
لكن الحقيقة صدمته سريعاً.
في الاجتماعات، كل اقتراح كان يُقابل بجملة واحدة:
“أيام أبو ناصر.. كنا نعمل غير كذا”.
في الأروقة، صورة المدير السابق لا تزال معلقة، وعلى الرف كتبه، وعلى الطابعة أوراقه.. حتى سكرتيرته، لا تزال تحجز له المواقف الأمامية كل صباح، وكأنه سيعود في أي لحظة.
أما الموظفون؟ نصفهم ينظرون إلى سامي وكأنه ضيف ثقيل، والنصف الآخر ينتظر سقوطه كمن ينتظر نشرة الطقس.
بعد أسبوع، سمعها لأول مرة من أحدهم، همساً:
“هنا المدير القديم لا يموت… والمدير الجديد بالكاد يعيش”.
ابتسم سامي، ولم يُعلّق. لكنه تلك الليلة لم ينم.
أدرك أن المنصب ليس ورقة تعيين، بل حرب باردة بين الولاء القديم، والواقع الجديد.
لم يحارب الظلال، بل درسها. جلس مع أصحاب الخبرة، استمع أكثر مما تكلم، قرأ بين السطور، وفهم أن الإدارة ليست إعلان ثورة، بل تفاهم مع التاريخ.
بهدوء، بدأ يحفر مكانه، لا ليهدم ما بُني قبله، بل ليضيف اسمه بجوار الأسماء التي سبقت، لا خصماً لهم، بل امتداداً لهم.
مرت الأشهر، وتغيّرت الملامح، بدأ الناس يقولون:
“أيام سامي .. تغيرت الأمور للأفضل”.
واليوم، سامي يعرف.. المدير القديم لا يموت فعلاً، لكنه تعلم أن المدير الجديد يستطيع أن يعيش، بل أن يُخلّد..إذا فهم القاعدة الذهبية:
لا تحارب إرث من سبقك.. ابنِ عليه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال