الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في بدايات انطلاقة رؤية المملكة 2030، لم يكن مستغربًا أن تتكرر على مسامعنا عبارات مثل: الأول من نوعه، الأكبر عالميًا، الأعظم تأثيرًا. كانت تلك اللغة انعكاسًا طبيعيًا لحالة التحول الوطني، ومحاولة مشروعة لبناء الحماس داخل المنظمات والافراد، وترسيخ الثقة، وإبراز الطموح السعودي أمام الداخل والخارج على حد سواء.
لكن السنوات مضت، والمجتمع السعودي نضج، وتطورت المنظمات، وارتفع منسوب الوعي المجتمعي، وتعززت أدوات التقييم الموضوعي في الإعلام والمجتمع، مما فرض على الجميع أفرادًا ومؤسسات أن يعيدوا تعريف معايير التميّز والنجاح.
لم يعد السبق الإعلامي معيارًا كافيًا……
فالأسئلة التي بات يطرحها المواطن اليوم تحمل في طياتها إدراكًا عميقًا بما تعنيه القيمة المضافة.
المرحلة التي نعيشها اليوم لا تحتمل التجميل، ولا تقبل المبالغة. فثقة الناس أصبحت تُبنى على الشفافية والنتائج القابلة للقياس، لا على العناوين البراقة أو الدعايات والحملات التسويقية البعيدة عن الواقع.
التميّز الحقيقي اليوم لا يُقاس بالضخامة ولا يقاس بالأولية، بل بالاستدامة والأثر المحقق والملموس…..
كما لا يقاس بعدد المشاهدات او الأعجاب، بل بنوعية الحياة التي تتحسن، وبالوظائف التي تُخلق، وبالموارد التي تُدار بكفاءة، وبالخدمات التي تُقدَّم بعدالة وابتكار.
يُعدّ التحوّل نحو لغة الأثر بدلاً من لغة الطرح النظري أحد الركائز الجوهرية لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تطمح إلى بناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح. ومن هذا المنطلق، تبرز الحاجة الملحّة إلى أن تعيد الجهات الحكومية والخاصة صياغة آليات عرض منجزاتها، من خلال تبنّي خطاب مؤسسي يستند إلى الحقائق الملموسة لا التصريحات المجردة، ويرتكز على النتائج الفعلية لا الوعود النظرية.
ومع تنامي الوعي المجتمعي وازدياد دقة الرقابة الإعلامية، لم يعد مقبولًا أن تُبنى الثقة العامة على المبالغات أو الطرح غير المدعوم بالأرقام. بل إن هذا التحول الثقافي نحو الشفافية والموضوعية يمثل ركيزة أساسية لدفع عجلة الاقتصاد الوطني. فحين تُبنى المشاريع على أسس واضحة، ويتم قياس أثرها الفعلي، يتحفز المستثمر المحلي والدولي، وتتجه الموارد نحو المبادرات ذات العائد المستدام، ويترسخ مفهوم الابتكار المرتكز على حل المشكلات لا على الظهور الإعلامي فقط.
كما ان هذا التوجه سوف يسهم في تعزيز جودة الحياة، عبر مشاريع وخدمات تنبع من احتياجات حقيقية وتُصمم بناء على معايير قياس دقيقة، مما يزيد من كفاءة السياسات العامة، ويجعل المواطن شريكًا واعيًا في التنمية لا مجرد متلقٍ للقرارات. وهذا هو ما تطمح له الرؤية المباركة 2030.
وفي الختام، فإن اللغة الجديدة القائمة على الأثر والاستدامة ليست فقط أكثر صدقًا، بل هي أكثر قدرة على تحقيق الازدهار الوطني وتحويل الرؤية إلى واقع ملموس ينعكس في تفاصيل حياة الناس، ويعزز الثقة، ويصنع الفارق الحقيقي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال