الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تحقيق التميز الأكاديمي في الجامعات الناشئة بالسعودية أصبح أحد أبرز التحديات التي تواجه منظومة التعليم العالي في ظل التوسع المتسارع الذي شهدته المملكة خلال السنوات الماضية ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030. الدولة هنا خططت بالسابق لإنشاء جامعات جديدة في مختلف المناطق بهدف توزيع الفرص التعليمية ودعم التنمية الشاملة إلا أن واقع أغلب هذه الجامعات يكشف عن فجوة حقيقية بين الطموح المعلن والواقع الفعلي الذي يواجهه القائمون على هذه المؤسسات.
أحد أبرز معوقات تحقيق التميز الأكاديمي في الجامعات الناشئة يتمثل في ضعف الكوادر الأكاديمية سواء من حيث العدد أو الكفاءة. حيث تعاني الكثير من هذه الجامعات من صعوبة استقطاب كفاءات أكاديمية متميزة بسبب محدودية الحوافز وضعف البيئة البحثية مقارنة بالجامعات العريقة أو المؤسسات الأكاديمية الدولية. وهو ما يؤدي إلى اعتماد بعض الجامعات الناشئة على كوادر غير مؤهلة بالشكل الكافي أو على التوسع في التعاقدات المؤقتة دون استقرار أكاديمي فعلي ينعكس على جودة التعليم والبحث العلمي.
نقص الموارد البحثية يمثل تحدياً آخر يعيق بناء سمعة أكاديمية قوية لهذه الجامعات فرغم إدراك الجميع لدور البحث العلمي في دعم الاقتصاد المعرفي وتنمية القطاعات الحيوية. إلا أن الكثير من الجامعات الناشئة لا تزال تفتقر إلى معامل متطورة أو تمويل بحثي مستدام أو شراكات دولية قوية تساعدها على تطوير منظومة البحث العلمي والمشاركة الفاعلة في الأبحاث التي تخدم احتياجات المملكة الاقتصادية والتقنية.
تقرير منظمة اليونسكو لعام 2024 أكد أن الاستثمار في البحث العلمي والبنية التحتية الأكاديمية من أهم عوامل رفع تنافسية الجامعات وربط التعليم العالي بالاقتصاد الوطني. وهو ما يتطلب من الجامعات الناشئة في السعودية وضع استراتيجيات واضحة لتطوير بيئتها الأكاديمية وتوسيع قدراتها البحثية بما يعزز من مساهمتها في مشاريع الدولة الكبرى مثل نيوم وبرامج الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة.
ضعف قدرة الجامعات الناشئة على استقطاب الكفاءات الأكاديمية يرتبط أيضاً بغياب بيئة العمل الجاذبة وضعف الحوافز وبرامج التطوير المهني وغياب البنية التحتية التي تسمح للأكاديمي بممارسة دوره بفعالية. وهذا يؤدي إلى تراجع مستوى الأبحاث والمنشورات العلمية وتأخر هذه الجامعات في التصنيفات الدولية رغم أهمية هذه المؤشرات في بناء سمعة أكاديمية قوية وتعزيز حضور الجامعات السعودية عالمياً.
تحقيق التميز الأكاديمي في الجامعات الناشئة لا يمكن أن يكون خياراً ثانوياً لكن هو ضرورة وطنية ترتبط بشكل مباشر بمستقبل الاقتصاد السعودي. الذي يعتمد اليوم على المعرفة والابتكار والتقنية كمحركات رئيسية للنمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل. وهو ما يتطلب من صناع القرار في وزارة التعليم والجامعات نفسها. إعادة تقييم واقع هذه المؤسسات ووضع سياسات جديدة تركز على استقطاب الكفاءات وتطوير البيئة البحثية وتحسين الحوافز والارتقاء بمستوى البرامج الأكاديمية بشكل يتماشى مع المعايير الدولية.
أخيراً اليوم المملكة أمام تحدي حقيقي في تحويل الجامعات الناشئة من مؤسسات تعليمية محدودة الأثر إلى مراكز أكاديمية وبحثية قادرة على المنافسة وصناعة الفارق في تنمية رأس المال البشري الوطني. والمساهمة في رفع تنافسية الاقتصاد السعودي إقليمياً وعالمياً وتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 بشكل فعلي وملموس.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال