الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ثلاثة أسباب لتكون دراسة التطبيقات القضائية ضمن متطلبات قرار (713)
يشهد تاريخ 30/11/1438هـ الموافق 22/08/2017م صدور قرار مجلس الوزراء رقم (713) بالضوابط المطلوب مراعاتها عند إعداد ودراسة مشروعات الأنظمة واللوائح وما في حكمها المحدثة – الذي ألغى بصدوره القرار رقم (256) في نفس موضوعه الصادر في 21/06/1435هـ الموافق 21/04/2014م -، والذي أسسّ منهجيةً وبرنامج عمل لإصدار التشريعات في المملكة، وأكّد بمتطلباته أهمية الدراسات التشريعية واختصاص العمل بها، ونظّم إجراءات النظر في المقترحات التشريعية المقدمة من الجهات المختصّة.
وبذلك فإن اعتماد منهجية إصدار التشريعات الواردة في قرار (713)، فضلاً عن كونها تستهدف تحقيق مبادئ التنظيم الرشيد (Better Regulation) بتجويد التشريعات وتعظيم الأثر المستهدف منها بتكلفة أقل، فإنها تُوثّق المعرفة التي بُني عليها التشريع، وتبني مرجعيةً تتجلّى أهميتها ومعيار جودتها في تمكين الغير – ممن لم يكن طرفاً في تلك الدراسات – من الفهم، بما يشمل فهم البيانات، والمعلومات، والمعرفة التي بموجبها صدر التشريع. إذ أنّ صناعة هذا الفهم تُساهم في تجويد القرارات وعمليات قياس وتقييم الأثر التي تُتخذ لاحقةً لصدور التشريع ونفاذه وتطبيقه، بالإضافة لكون تلك الدراسات – بوصفها مرجعاً – تخلق مادّة نقاش وبحث بين المختصّين في صناعة السياسات العامة لتطوير الهياكل والمناهج والأدوات.
وعلى إثر هذه المقدمة، فإن هذا المقال يقترحُ إضافة دراسة مستقلّة في قرار (713) معنية بالتطبيقات القضائية لموضوع التشريع المُقترح، كما يُقدم المقال أسباب هذا المقترح فيما سيأتي، أخذاً في الاعتبار أن قرار (713) قد نصّ في البند (خامساً) منه على دور هيئة الخبراء بدراسة المقترح التشريعي مع الجهات الحكومية ذات الصلة مع الأخذ في الاعتبار ألا يُخالف المبادئ القضائية المستقرّة، وهي التي تختلف عن التطبيقات القضائية التي أشرنا لها، حيثُ يدلّ المبدأ القضائي على (القاعدة القضائية العامة الموضوعية والإجرائية التي تقررها المحكمة العليا وتُراعى عند النظر في القضايا وإصدار الأحكام والقرارات.) [المرجع: المبدأ (1) – من المبادئ والقرارات الصادرة عن الهيئة القضائية العليا والهيئة الدائمة والعامة بمجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا]. أما التطبيق القضائي فهو مُصطلح نقصدُ به الأحكام القضائية الصادرة من المحاكم واللجان شبه القضائية المختصة في المملكة العربية السعودية.
وإلى جانب ما سبق، فإنه يجدر وقبل البدء بذكر الأسباب الثلاثة لتكون دراسة التطبيقات القضائية متطلب مستقلّ ضمن متطلبات قرار (713) أخذ الاعتبار إلى أن دليل إعداد التشريعات وصياغتها الصادر عن اللجنة التحضيرية لإعداد التشريعات القضائية – الإصدار الأول (دليل إرشادي) محرم 1444هـ أغسطس 2022م قد ذكر ضمن عناصر دراسة الوضع الراهن والحلول الممكنة، التي تُعدّ قبل تقديم مقترح تشريعي، عنصر تحديــد النزاعات القضائيــة ذات العلاقة بالمشكلة، والنظــر في مســبباتها، والإفادة مــن المعالجات القضائيــة للمحاكــم في هــذه النزاعات، وهو ما يؤيد ويتّفق مع ما سيرد من أسبابٍ فيما يلي:
إذ قد جاء في الحكم الصادر في القضية في محكمة الاستئناف الإدارية رقم (7327) لعام 1439هـ ما نصه: “فإنه وإن كانت اللوائح الإدارية الصادرة بقرار إداري تتحصن من الإلغاء بمضي المدة، وإن انطوت على عيوب فيها، غير أن هذا التحصن لا يسبغ عليها المشروعية من جميع الوجوه (…) فإن لأصحاب الشأن في حال صدور قرار ضدهم بناء على لائحة معيبة أن يتقدموا بدعوى بالمطالبة بإلغائه، ولو كانت هذه اللائحة قد تحصنت من الإلغاء، مستندين في ذلك إلى عدم مشروعيته”.
من جهةٍ أخرى، وفيما يتعلق بالتنظيمات، فإن أثر التطبيقات القضائية يظهر في أحكام عدم الاختصاص الولائي لمحاكم ديوان المظالم بنظر المنازعة، بناءً على تقرير صفة “جهة الإدارة” للجهة المدعى عليها، أي تقرير ما إن كانت جهة حكومية تجعل من محاكم ديوان المظالم جهة قضائية مختصة بنظر المنازعة، إذ أن تلك الأحكام تستند إلى النصوص القانونية في تلك التنظيمات وتُحلّلها وصولاً إلى تقرير الصفة والهويّة التي يتحدد بعدها الاختصاص من عدمه. وهذا التحليل الذي تقدمه تلك الأحكام القضائية صانع أثر في تحديث وتطوير الصياغة اللغوية التي تؤسس ذلك الكيان وتحدد مرجعيته التنظيمية. ومن ذلك ما جاء في نص الحكم الصادر في القضية في محكمة الاستئناف الإدارية رقم (7410) لعام 1440هـ بأنه: “الثابت أن اللجنة (لجنة المساهمات العقارية) حين إبرامها العقد مع المدعي على بيع الأرض لم تباشر ذلك بصفتها جهة إدارية، بل لكونها تمثّل الحاكم في بيع مال صاحب المساهمة إذا امتنع عن بيعه، فهي نائبة عن شخصية معنوية خاصة وهم أصحاب المساهمة…”.
إن الدعوة لتناول التطبيقات القضائية في دراسة مستقلة – فيما ينطبق – أثناء الدورة لإصدار التشريعات، لا تنطوي على دراسة ما يُنشر من أحكام قضائية للعموم فحسب، بل على تكوين تصوّر أدقّ وأشمل عن المتّبع قضاءً بشأن مسائل التشريع بالحصول على كافة الأحكام القضائية ذات الصلة من الجهة التنفيذية التي تُشرف وتُنظم إدارياً المرافق العدلية، وتمريرها عبر أُطر تحليل ومؤشرات قياس تؤدي لاستخلاص النتائج المرجوّة في تجويد التشريع وشموليته. وتلك الأُطر والمؤشرات – بحسب طبيعة المسألة – يستلزم أن تغطي جانبين رئيسية: الأول – يُحدد مستوى الاستقرار من عدمه في الأحكام القضائية بشأن المسألة المطروحة، والثاني – يستخلص الأفكار والأوصاف الموضوعية التي يُمكن تضمنيها في بناء التشريع، أي ما يُعرف بتقنين الممارسات القضائية.
ولأن المقال معنون بـ (أثر التطبيقات القضائية على التشريعات) فإنه من الجدير أن نختم المقال باقتراح مُوضع إضافة تلك الدراسة المُقترحة، بأن تكون ضمن الدراسات الداعمة للمقترح التشريعي الواردة في (أولاً /2) من قرار (713) وفق آخر تعديل طرأ عليه، بحيث تُصبح فقرة جديدة مُضافة: (هـ. التطبيقات القضائية ذات العلاقة المباشرة بالمقترح، ببيان أوجه العلاقة بالمقترح، ومستوى الاستقرار القضائي بشأنه، وما تضمنته من معالجة موضوعية للمقترح، وأوجه الاستفادة منها في المقترح.) في خطوةٍ تستهدف تكامل الجهود، وترابط الأنشطة والممارسات والسياسات العامة، وتعظيم أثرها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال