الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في زمن تتصاعد فيه التقلبات الجيوسياسية والاقتصادية، تحتاج اسواق النفط إلى وضوح في القيادة. وقد وجدت هذا الوضوح في “مجموعة الثمانية”. ربما لا تزال تمشي داخل إطار “أوبك+”، لكنها تمشي في المقدمة وأحيانًا، تمشي وحدها، هذا لا يقلل من شأن بقية الدول الأعضاء، لكنه يضع الأمور في سياق مختلف. مستويات ضبط الانتاج والتأثير لم يعد موزعًا بالتساوي، والقدرة على التحرك السريع وقيادة السوق تركزت في أيدي هذه الدول فقط. ربما “أوبك+” قد تظل قائمة على الورق، لكن على أرض الواقع، ما يحدد موازين السوق هي قرارات “مجموعة الثمانية”.
ثماني دول تنتج %80 من نفط أوبك+: هل ما زلنا نتحدث عن تحالف من 23 دولة؟
في سبتمبر 2025، يُتوقع أن تنتج “مجموعة الثمانية” داخل تحالف منتجي “أوبك+” نحو 32.88 مليون برميل يوميًا، أي ما يقرب من %80 من إجمالي إنتاج التحالف. هذه الدول هي: السعودية، روسيا، العراق، الإمارات، الكويت، كازاخستان، الجزائر، وعُمان.
بالمقابل، تسهم بقية الدول الخمس عشرة في “أوبك+” بأقل من 8 ملايين برميل يوميًا مجتمعة. هذه الفجوة تطرح سؤالًا جوهريًا: هل ما زالت “أوبك+” تحالفًا فعليًا من 23 دولة، أم أننا أمام تحوّل هادئ نحو ما يمكن وصفه بـ “مجموعة الثمانية”؟
“مجموعة الثمانية”: القيادة الفعلية لأسواق النفط
“مجموعة الثمانية” ليست تحالفًا منفصلًا، بل نواة جديدة داخل “أوبك+”. لكنّها نواة ديناميكية وفعالة. ومع أنها لم تُعلَن رسميًا، إلا أنها باتت تُمارس دور القيادة بالكامل.
لطالما عُرفت “أوبك” ثم “أوبك+” كمؤسسات تمثل التنسيق الجماعي لأسواق النفط. لكن منذ عام 2023، بدأ يتبلور واقع جديد، حيث تولّت ثمانية دول فقط زمام المبادرة، وحددت التوجهات، وتحملت العبء الأكبر في الحفاظ على استقرار السوق.
أرقام الإنتاج المستهدفة لشهر سبتمبر 2025 تعكس هذه الحقيقة:
* السعودية: 9.978 مليون برميل يوميًا
* روسيا: 9.449 مليون برميل يوميًا
* العراق: 4.220 مليون برميل يوميًا
* الإمارات: 3.375 مليون برميل يوميًا
* الكويت: 2.548 مليون برميل يوميًا
* كازاخستان: 1.550 مليون برميل يوميًا
* الجزائر: 959 ألف برميل يوميًا
* عُمان: 801 ألف برميل يوميًا
الإجمالي: 32.88 مليون برميل يوميًا
هل باتت هذه الدول لا تكتفي بالإنتاج فحسب، بل تتولى أيضاً إصدار التوجيهات المستقبلية، وتقديم التزامات مستقلة، وضبط مستويات الإنتاج استباقاً للمتغيرات الاقتصادية، وأحياناً حتى قبل انعقاد الاجتماعات الرسمية لـ”أوبك+”؟ وهل أصبح دور بقية الأعضاء أقرب إلى الحضور الرمزي فقط؟
“مجموعة الثمانية” لا تُقوّض أوبك+ . . بل تحملها على الأكتاف
منذ عام 2023، بدأت “مجموعة الثمانية” تتحرك بشكل أكثر استقلالية، من خلال تنسيق عملي ومسبق بين هذه الدول. وبحلول عام 2024، أصبح هذا التنسيق أكثر انتظامًا، وصولًا إلى 2025 حيث بات دور هذه المجموعة مؤسسيًا من حيث التأثير والقيادة.
لا توجد مؤشرات على تفكك “أوبك+” أو نهاية وحدتها، حتى وإن برزت نواة قرارية تتحمّل عبء إدارة المعروض. قد لا تكون محاولة لتقويض “أوبك+”، بل لإنقاذها من التراجع. فـ”مجموعة الثمانية” هي من يتحمل الأعباء: تعديلات الكميات، إدارة التوقعات، واستباق التحديات. هم من يقود، والبقية تواكب.
السوق بحاجة إلى قيادة، و”مجموعة الثمانية” تقدّمها بوضوح. هذا لا يعني وجود تغيير هيلكي أو انقسام رسمي أو خروج عن تخالف “أوبك+”. فالتحالف لا يزال قائمًا، والاجتماعات تُعقد والبيانات تُصدر. لكن الحقيقة أن السوق لم تعد تتفاعل مع تصريحات الدول الخمس عشرة، بل مع ما يصدر عن هذه الدول الثمانية فقط.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال