3666 144 055
[email protected]
يضرب المحللون أخماساً في أسداس عن أسباب انخفاض أسعار النفط. ويثير انتباههم في هذا المجال تزامن ذلك مع ذروة تصاعد قرع طبول الحرب في منطقة الشرق الأوسط، هذه المنطقة التي تعتبر المنتج والمصدر الأول للذهب الأسود في العالم وإلى العالم. ولذلك يتساءلون عن الأسباب التي تجعل أسعار النفط لا تتفاعل بالسالب مع وقع الأحداث في البلدان المصدرة له. ويلفت الانتباه هنا سرعة انخفاض الأسعار. ففي خلال ثلاثة أسابيع فقط فقد برميل النفط سبعة دولارات من قيمته. فما هي يا ترى حقيقة الأسباب التي تقف وراء هذا التراجع؟
يشير بعض المحللون، المتأثرون بنظرية المؤامرة، إلى الأجواء الجيوسياسية غير المواتية في العالم. ويلمحون بشكل خاص إلى الخلاف الروسي الأمريكي ورغبة الولايات المتحدة في الضغط على روسيا وإلحاق الضرر باقتصادها الذي يعتمد على صادرات مواد الطاقة إلى حد ما. بالفعل فإن تراجع العائدات الروسية من الصادرات قد أدى إلى تراجع مؤشرات أسعار الأسهم الروسية في سوقي MICEX وRTS وإلى انخفاض سعر صرف العملة الروسية بشكل كبير، حيث أصبح الدولار يباع بما يقارب 40 روبل بدلاً من 35. ولكن هذا المبرر يبدو لي غير مقنع بما فيه الكفاية. فانخفاض سعر صرف الروبل عامل ايجابي لنمو الانتاج الروسي وليس سلبياً لما يوفره من حماية أمام السلع المستوردة. كما أن انخفاض الروبل يعوض ميزانية الدولة إلى حد ما عن انخفاض العائدات النفطية. هذا إلى جانب أن تراجع أسعار النفط يعتبر عاملاً مشجعاً وايجابياً لنمو الاقتصادات المنافسة للاقتصاد الأمريكي ومنها الاقتصاد الصيني والأوروبي.
إذاً فلنترك نظرية المؤامرة جانباً ولنراجع معاً عاملين مهمين يؤثران على أسعار النفط: الأول هو تراجع الطلب. فتقرير وكالة الطاقة الدولية كان يتوقع ارتفاعاً كبيراً في الطلب العالمي على النفط خلال الربع الرابع من عام 2014 بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً ليصل إجمالي الطلب في العالم على النفط الى 93.9 مليون برميل. أما في الواقع فإن الاستهلاك لم يرتفع حتى الآن إلا بمقدار 990 ألف برميل. ويعود ذلك إلى تراجع النمو في البلدان المستهلكة للنفط بشكل كبير مثل الولايات المتحدة التي انخفض الانتاج الصناعي فيها في الشهر الماضي لأول مرة منذ سبعة أشهر. ونفس الأمر ينطبق على الصين.
أما العامل الآخر فهو سعر صرف الدولار. فهذا العامل له تأثير كبير على أسعار النفط. ولذلك فمع بدء تعافي الاقتصاد الأمريكي والتحول التدريجي عن سياسة التيسير الكمي فإن سعر صرف الدولار قد أصبح مرشحاً لمزيد من الارتفاع خلال الفترة القادمة. ومثلما نعلم فإن النفط مقيم بالدولار ولذلك فإن سعره يتناسب تناسباً عكسياً مع سعر صرف العملة الأمريكية.
من هنا فإذا كانت البلدان المصدرة للنفط تستطيع في مؤتمر أوبك القادم الذي سينعقد في نوفمبر المقبل أن تتخذ قراراً بتخفيض سقف إنتاجها إلى 29.5 مليون برميل في اليوم أو أكثر وتعيد بالتالي التوازن بين العرض والطلب على النفط فإنها بلا حول أو قوة فيما يخص سعر صرف الدولار الذي يشق طريقه نحو الارتفاع في الفترة القادمة.
نقلا عن الرياض
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734