الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قال تقرير لمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة إن الطلب الصيني على النفط تضاعف خلال العقدين الماضيين ثلاث أضعاف تقريبا، حيث ارتفع من 4.7 ملايين برميل يوميا في 2000 إلى نحو 14.1 مليون برميل يوميا في 2019، ليساهم بنحو ثلث النمو في إجمالي الطلب العالمي على النفط سنويا، متوقعا أن تواصل الصين قيادتها لقاطرة نمو الطلب العالمي على النفط في المستقبل، حيث من المتوقع أن يتجاوز الاقتصاد الصيني نظيره الأميركي كأكبر اقتصاد عالمي في المستقبل القريب.
ووفقا لـ “الانباء” منح المعهد الإذن لمنظمة «أوابك» بشأن ترجمة ملخص وتوصيات الدراسات والأوراق البحثية التي تصدر بشكل دوري عنه الى اللغة العربية ومنها هذا التقرير الذي جاء تحت عنوان «الطلب الصيني على النفط في أعقاب جائحة كوفيد-19».
وأضاف التقرير أنه بالرغم من مواطن النمو الكامنة في الاقتصاد الصيني الذي لا يتجاوز فيه حجم استهلاك الفرد من النفط فيها ثلث نظيره في مجموعة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلا أن وتيرة النمو في استهلاك الصين من النفط خلال العقدين القادمين يتوقع أن تنخفض كثيرا عن نظيرتها للعقدين الماضيين.
ففي الوقت الذي ارتفع فيه استهلاك الصين من النفط بنحو 9.4 ملايين برميل يوميا خلال العقدين السابقين، لا يتوقع أن يزيد حجم الزيادة في استهلاك الصين من النفط خلال العقدين القادمين عن 3 إلى 4 ملايين برميل يوميا، وترجع أسباب ذلك إلى التحولات الهيكلية التي يمر بها الاقتصاد الصيني والمتمثلة في تعزيز انتقاله إلى اقتصاد مدعوم بالاستهلاك المحلي بدلا من اقتصاد معتمد على قطاع التصدير، فضلا عن جهود السياسات الصينية الوطنية الرامية للحد من تلوث الهواء وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ونظرا لأهمية الصين كمؤثر رئيسي في الطلب العالمي على النفط، فإن تقليص نطاق الضبابية في توقعات حجم الاستهلاك المستقبلي المقدر بنحو مليون برميل بترجيح توقعات الزيادة في الطلب الصيني ما بين 3 ملايين برميل يوميا أو 4 ملايين برميل يوميا هو أمر بالغ الأهمية للأسواق العالمية، لاسيما في ظل التحول الذي يشهده نظام الطاقة العالمي، والمخاوف المصاحبة لهذا التحول بشأن الذروة المحتملة للطلب العالمي على النفط، فإن التعديل البسيط في التوقعات بالنسبة للصين التي استهلكت 14 مليون برميل يوميا من النفط في 2019، لابد أن تكون له تداعيات مهمة على الأسواق العالمية للنفط.
الآفاق المستقبلية
وقدمت ورقة «أكسفورد» استشرافا للآفاق المستقبلية للطلب الصيني على النفط في أعقاب جائحة كورونا، عبر طرح تساؤلات حول جهود الصين للتعافي من الوباء وسياسات دعم النمو وتداعياتها على مستقبل الطلب الصيني على النفط، ومن أهم ما خلصت إليه الورقة ما يلي:
– مع الخروج التدريجي للصين من الصدمة الاقتصادية الناجمة عن «كورونا»، يبدو أن تدابير الدعم المالي الحكومي وسياسات التيسير النقدي تؤتي ثمارها في انتعاش الناتج المحلي الإجمالي الذي نما خلال الربع الثاني من 2020 بمعدل 3.2% بعد الانخفاض الحاد الذي شهده خلال الربع الأول من العام والذي بلغ -6.8%.
ونمو الاستثمار في الأصول الثابتة التي ارتفعت 8.3% في يوليو 2020 وهو معدل أسرع من متوسط الوتيرة في 2019. وزيادة الناتج الصناعي 4.8% مدعوما بالتسارع في التصنيع، وخاصة في قطاع السيارات.
– بشكل عام تبرز مؤشرات استئناف الأعمال أن النشاط الاقتصادي الصيني قد استعاد بالفعل معدلات 80-90% من نشاطه ما قبل «كورونا» خلال الربع الثاني، إلا أن عودة القطاع الصناعي إلى مستويات ما قبل الجائحة، تتطلب زيادة الطلب الاستهلاكي، وهي عملية أثبتت أنها بطيئة، حيث مازالت مبيعات التجزئة تعاني من الضعف.
كما تباطأ الانتعاش بسبب تفشي الأوبئة المحلية في بكين والمقاطعات المجاورة لها خلال شهر يونيو الماضي، ما أدى إلى إغلاق المدارس وتطبيق جولة أخرى من القيود على السفر.
وتشير توقعات المدى القريب إلى انتعاش سريع في النشاط الصناعي وارتفاع أبطأ في طلب المستهلكين، حيث تؤثر المخاوف بشأن الدخل والتوظيف على الإنفاق الاستهلاكي، لاسيما بين قوة العمال المهاجرين القوية في الصين التي يبلغ قوامها 400 مليون نسمة، يعمل نصفهم تقريبا في التجارة.
– انعكس الانتعاش الاقتصادي في نمو استثنائي للطلب الصيني على النفط، حيث قفزت واردات النفط الخام إلى 13 مليون برميل يوميا خلال يونيو 2020، مقارنة بمتوسط بلغ نحو 10.9 ملايين برميل يوميا خلال النصف الأول من العام، وأعلى على أساس سنوي بأكثر من1 مليون برميل يوميا (10%) وتجاوز نمو السنوات الماضية البالغ 800 ألف برميل يوميا.
وترجع الزيادة في واردات الصين من الخام الى عدد من الأسباب، أهمها قيام شركات التكرير بشراء المزيد من الخام الأميركي قبل المراجعة المجدولة لصفقة «المرحلة الأولى»، حيث وصلت الواردات من الولايات المتحدة إلى مستويات قياسية عند 0.7-0.8 مليون برميل في اليوم في يوليو وأغسطس.
– ترجع أهم أسباب ارتفاع الواردات الصينية من النفط الخام إلى حركة البناء المكثفة للمخزونات النفطية الصينية التي قامت الحكومة بها مستفيدة من الأسعار المنخفضة، كما تدرس الحكومة الصينية اعتماد سياسة جديدة تطلب من مصافي التكرير الاحتفاظ بمخزونات تغطي 35 يوما من التشغيل بدلا من السياسة السابقة التي تتطلب 15 يوما فقط من التشغيل، مما سينعكس ايجابا في ارتفاع الواردات الصينية من النفط الخام خلال الفترة القادمة.
– انتعاش الطلب المحلي الصيني على المنتجات النفطية بمعدلات أقل من الإمدادات المحلية منها، وقد كان أهم أسباب ارتفاع وتيرة عمليات التشغيل في المصافي انخفاض أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية وآلية التسعير المحلية للمنتجات النفطية التي تضمن هوامش التكرير من خلال وضع حد أدنى لأسعار التجزئة عند 40 دولارا للبرميل من النفط الخام، وتشير فوائض الإمدادات المحلية من المنتجات النفطية وفي مقدمتها الديزل والغازولين إلى توقع ارتفاع الصادرات منها مستقبلا.
– قيام الحكومة الصينية بصياغة استراتيجية جديدة أطلق عليها «الدوران المزدوج» تمت الإشارة لها في تقرير عمل الحكومة في مايو 2020، وتسعى هذه الاستراتيجية إلى جعل الاقتصاد أقل عرضة للصدمات الخارجية من خلال الاعتماد على الذات في التكنولوجيا الرئيسية، كما تشير الاستراتيجية إلى تسريع كهربة المدن الصينية والاستخدام النهائي للطاقة، وتركز خطة البنية التحتية الجديدة للحكومة، والتي تقع في صميم جهود التعافي على المدى القصير وتركز على تطوريها بشكل ملح على المدى الطويل، على سبعة مجالات محددة: شبكات 5G، ومراكز البيانات، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء الصناعي، ونقل الطاقة فائقة الجهد، وقطارات سكك الحديد عالية السرعة، والبنى التحتية لشحن المركبات الكهربائية.
لذلك، فإنه على الرغم من أن آفاق النمو في الطلب الصيني على النفط على المدى المتوسط لاتزال قوية، إلا أن طموحات الصين فيما يخص الكهرباء والتي تقود تركيز الحكومة على البنية التحتية لدعم أسطولها الكهربائي المتنامي بشقيه الخاص والعام سوف تنعكس حتما على نمو الطلب الصيني على البنزين والديزل في المدى الطويل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال