3666 144 055
[email protected]
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
أحاضر كثيرا وأنادي دائما بوضع الأهداف والتوقعات قبل الإقدام على أي مشروع جديد. أتحدث هنا عن الأمور المهنية والاستثمارية، مع أن وضع الأهداف ينطبق على جميع أمور الحياة. أركز دائما على التفريق بين الأهداف الواقعية والتمنيات العشوائية. في التمنيات، يمكن تمني أي شيء مثل أن أنتقل للعيش على كوكب آخر أو أن أستيقظ غدا وأجد شجرة تثمر دولارات خضراء في حديقة بيتي أو أي شيء يخطر لي. تلك بالطبع تمنيات عشوائية، وأي هدف غير واقعي لا يختلف عنها بشيء، فلو أني وضعت هدفا بأن أحقق مليون دولار خلال العام القادم بدون أن يكون لدي رأس مال وخطة استثمارية، فإن هدفي لا يختلف عن تمني شجرة الدولارات بشيء.
تحقيق الأهداف المالية والاستثمارية يعتمد بالدرجة الأولى على توفر الموارد المطلوبة بالإضافة إلى وجود الفرص المتاحة ثم يأتي بعد ذلك طريقة الإدارة والمتابعة. فعلى سبيل المثال، اذا كنت أملك مائة ألف دولار أنوي استثمارها في سوق الأسهم، وأضع لنفسي هدف تحقيق ربح يساوي مائتي ألف دولار فهذا يعني أنني أستهدف عائدا يعادل 200% خلال السنة، وهذا عائد استثماري غير منطقي. لا يهمني اذا حقق أي كان ذلك العائد أو أكثر منه، لأنه يكون قد حققه بأسلوب غير استثماري. إذن، الموارد المالية المتوفرة هي أول ما يجب تقديره استثماريا. يتبع ذلك وفي نفس درجة الأهمية، الخبرة التي أمتلكها.
اذا كنت أنوي إدارة استثماراتي بنفسي وليس لي أي خبرة سابقة، فليس من المنطقي أن أتوقع تحقيق عوائد مرتفعة من البداية. وهنا أقول أن متابعة مستثمرين آخرين لمطابقة ما يقومون به أو الاعتماد على توصيات عشوائية ليست خبرة استثمارية ولا أداة لإدارة الأموال، بل هي مجرد وسيلة لخسارة المال. كل مستثمر له ظروفه المادية وأهدافه الاستثمارية التي لا يمكن أن تتطابق مع مستثمر آخر، لذلك لا يمكن القيام بنفس العمليات بدون وجود نفس الظروف.
تحديد العوائد المستهدفة، بعد معرفة الموارد المتوفرة، يعتمد على درجة المخاطرة المقبولة والفرص المتاحة. الكثير يدخل في استثمار جديد بدون تحديد مستوى الخسارة المقبول لديه، فيفاجأ بعدها بالخسائر ويدخل في مرحلة انعدام وزن تؤدي به إلى دوامة طويلة من الخسائر المتتالية. إن تحديد مستوى الخسارة المقبول أساسي جدا لأنه يحدد المستوى الذي من الممكن الاستمرار بعده في الاستثمار لتعويض الخسائر، وكل مستثمر محترف يعرف هذا جيدا.
فعلى سبيل المثال، لا يدخل المستثمر المحترف بكل موارده المالية في سهم معين دفعة واحدة، لأنه يعرف أن الأسعار من الممكن أن تتراجع وسيحتاج عندها للشراء من جديد للمحافظة على معدل سعر السهم والاستمرار في محاولة تحقيق هدفه الاستثماري. وهنا أكرر ما أردده دائما، إن المستثمر العشوائي يتحول بسرعة قياسية من مستهدِف للربح إلى شخص يحاول الخروج بأقل الخسائر. رأيت الكثيرين ممن دخلوا سوق الأسهم في عام 2014 متوقعين الربح وقد تحولوا إلى التمنيات بارتفاع الأسعار إلى مستوى يجعلهم يخرجون بخسائر أقل. مرة أخرى، العشوائية.
من ناحية الفرص الاستثمارية، فإن المستثمر يجب أن يكون واقعيا من ناحية الاستثمار الذي يقوم به. الوضع الاقتصادي والعوامل المحيطة تحدد مدى توفر الفرص من عدمها. لا يمكن توقع تحقيق أرباح سريعة في ظل وضع اقتصادي متراجع، لأن الأساس في تحقيق العوائد هو تحقيق الشركات لأرباح مرتفعة ونسب نمو جيدة. مثلا، اذا استثمرت في شركة مقاولات في ظل وضع اقتصادي متأزم حيث لا يوجد مشاريع جديدة تقوم بها الشركة، فإنه من الغباء توقع تحقيق أرباح. مثال آخر عام للتبسيط، لو افتتحت مطعما فخما في قرية نائية يسكنها مائة شخص، وأشارت حساباتي أنني بحاجة إلى مائتي زبون يوميا لأحقق الأرباح، هل يكون افتتاح المطعم عملا استثماريا ذكيا؟
مع دخول العام الجديد، أجدها فرصة لجميع المهتمين بالاستثمار لمراجعة ما قاموا به في العام السابق ووضع أهداف جديدة للعام المقبل. وأكرر هنا أن وضع الأهداف الاستثمارية ليس عملية صعبة بل إنها بسيطة لو تم اتباع الخطوات اللازمة في إجراء الدراسات. نستهين عادة بعملية دراسات الجدوى بسبب الاعتقاد أنها معقدة وتحتاج إلى خبرات تقنية متقدمة جدا، لكن هذا ليس صحيحا. كل شخص بإمكانه القيام بدراسة الجدوى التي تلائمه وتناسب وضعه وحجمه الاستثماري. في النهاية، إن القيام بدراسة جدوى والتوصل لقرار بعدم الاستثمار أفضل بكثير من الدخول عشوائيا في أسواق المال.
ختاما، أتمنى للجميع عاما مليئا بالأرباح والسعادة.
الخطيب
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734