الاقتصاد في مواجهة السلالة الجديدة لـ “كورونا”

واجه الاقتصاد منذ مطلع العام الحالي تداعيات أزمة جائحة كورونا المستجد (كوفيد ١٩)، والتي تعتبر من أسوء وأصعب الازمات التي مرت على الاقتصاد منذ ثلاثينيات القرن الماضي لما تسببت فيه هذه الجائحة من توقف لحركة النشاط الاقتصادي نتيجة للاجراءات التي اتخذتها الدول من اغلاق اقتصاداته لفترة لمواجهة انتشار الجائحة والحد من توسعها وعدم انهيار النظام الصحي فيها، وتسبب ذلك في توقف حركة النقل وانخفاض حركة التصدير والاستيراد وانخفاض اسعار النفط وتذبذب الاسواق المالية خلال هذه الفترة مما كان لذلك اثراً سلبياً على معدلات النمو والتضخم والبطالة.

ونتيجة للجهود التي قامت بها مجموعة دول العشرين (G20) برئاسة المملكة العربية السعودية، والتي قدمت في بداية الجائحة أكثر من 21 مليار دولار أمريكي لتلبية احتياجات التمويل الفورية، وتحديداً لتطوير الأدوات التشخيصية واللقاحات والعلاجات الفعالة، وساهمت المملكة بـ 500 مليون دولار لدعم هذه الجهود، كما ضخت المجموعة ما يزيد عن 11 تريليون دولار أمريكي في الاقتصاد العالمي لدعمالشركات وحماية سبل العيش للأفراد وتوسيع شبكات الحماية الاجتماعية لحماية الأشخاص المعرضين لفقدان وظائفهم ومصادر دخلهم، ووفرت المجموعة ما يزيد عن 14 مليار دولار لتخفيف أعباء الديون على البلدان الأكثر عرضة للخطر من خلال مبادرة تعليق خدمة الديون، والاعلان عن اكتشاف لقاحات لهذا الفيروس واجتياز بعضها للاختبارات والدراسات اللازمة واثبتت فاعليتها بنسبة كبيرة، وبدأت بعض الدول في استخدام تلك اللقاحات، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، ولهذا بدء الاقتصاد في العودة إلى التعافي قبل نهاية العام إلا أنه صدم بإعلان بريطانيا عن اكتشاف سلالة جديدة لفيروس كورونا واغلاقها لبعض مدنها، مما اجبر بعض الدول على اتخاذ اجراءات احترازية تمثلت في تعليق الرحلات الدولية خاصة من وإلى بريطانيا وكان لذلك أثر سلبي على اسعار النفط وعلى اسواق المال.

وسيستمر الاقتصاد في التعافي متى ما تم تأكيد فاعلية اللقاح في مواجهة هذه السلالة الجديدة وعدم ظهور سلالات مقاومة لفاعليته، ويتعين على الدول دعم هذا التعافي من خلال انتهاج سياسة مالية توسعية متمثلة في زيادة الانفاق الحكومي على المشاريع التنموية وتحفيز القطاع الخاص وإعادة النظر في الرسوم والضرائب، والعمل على عودة نشاط السفر والسياحة إلى المساهمة في هذا التعافي مع الالتزام التام بالاجراءات الاحترازية الضرورية.