الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عندما الحديث عن انجازات واخفاقات جهاز من أجهزة الدولة، قد يطلق عليها البعض الدولة انجزت او اخفقت، في حين ان البعض يستخدم مصطلح الحكومة في حال أنجزت مشروع الخدمة معينة ما أو أخفقت في تنفيذ ذلك . قد يتراءى للقارئ انهما مصطلحان مختلفان كتابة متماثلان في المعنى، ولكن الواقع عكس ذلك.فمصطلح الدولة والحكومة مختلفان لفظا ومعنى، والتفرقة بين المفهومان مهم لما له من تأثير على طريقة صياغة التشريعات والاستراتيجيات و المساءلة القانونية خصوصا عندما نتحدث عن مكافحة الفساد.
تُعرف الدولة على أنها شخصية اعتبارية مستقلة عن الأشخاص الطبيعيين الذي يتولون إدارتها، وبالتالي الدولة لديها أربعة أركان أساسية وهي السكان، والأرض ، والحكومة ، والسيادة. في حين أن الحكومة هي أحد أركان الدولة وهي أحد اجزائها والتي تعمل لصالحها. وبالتالي، فالحكومة هي المؤسسات التي تعمل لصالح الدولة ، وتعمل على تنيفذ أهدافها ، وتطبق قوانينها وتمتثل لأوامرها. مثل الوزارات والمؤسسات المستقلة والتي تندرج تحت مسمى السلطة التنفيذية. لماذا التفرقة بين مفهومي الحكومة والدولة مهمة جدا؟ وكيف يمكن أن تؤثر هذه التفرقة على تشريع القوانين وتطبيقها ومكافحة الفساد؟
اهمية التفرقة تكمن في ان الدولة تشرف على أعمال الحكومة ولا تؤديها لأنه من الصعب جدا ان تقوم الدولة بذلك، وبالتالي فهي تفوض الحكومة صلاحيات مثل اقامة المشاريع و ادارة القطاعات الحيوية وتوصيل الخدمات للأفراد وغيرها من المهام التي يعنى بها القطاع العام. وبالتالي عند الحديث عن الفساد والمخالفات التي يرتكبها القائمين على تشغيل القطاعات الحكومية، فنحن نتكلم عن الحكومة وليس عن الدولة، حيث ان عمل الحكومة مستقل عن عمل الدولة. ولذلك في الماضي، أصبح المسؤولين عن القطاعات العامة لديهم حصانة اكتسبوها نتيجة الخلط بين مفهوم الدولة والحكومة، خصوصا وأن الجهات الرقابية جميعها كانت تابعة لقطاعات حكومية وليست مستقلة. لذلك، نص الأمر الملكي عند انشاء هيئة الرقابة ومكافحة الفساد على جعل الهيئة تابعة للملك مباشرة وليست تابعة لأي جهاز حكومي آخر. و استتبع ذلك أيضا عندما تم ضم هيئة الرقابة والتحقيق والمباحث الإدارية إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ليصبح مسماها هيئة الرقابة ومكافحة الفساد.
وكان السبب الرئيسي، هو سحب الحصانة الممنوحة للمسؤولين والموظفين الممنوحة لهم بموجب العرف السائد بسبب خلل في هيكلة القطاع الرقابي. وهذه تعتبر خطوة جبارة نحو تطبيق و انفاذ القانون على الجميع. ولكن لازال لدينا مشكلة تعاني منها القوانين الدستورية في المملكة وهي التي تؤدي الى الخلط بين مفهوم الحكومة و الدولة، ألا وهي إعتبار مجلس الوزراء جزء من السلطة التشريعية وبالتالي اعتبارها مشاركة لإدارة الدولة على الرغم من أن أعضاءه هم الوزراء والذين يعتبرون أفراد في السلطة التنفيذية، حيث يفترض ألا يكون لديهم الحصانة ضد مساءلتهم. التداخل بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية في المملكة، يؤدي احيانا الى مشكلة الخلط بين مفهوم الحكومة والدولة، وبالتالي عند اخفاق أحد المسؤولين في تنفيذ أهداف مؤسسته، يصبح هناك خلط ما بين هل الدولة هي المسؤولة ام الحكومة؟
باعتقادي، أن هذه مشكلة تتعلق بالقوانين الدستورية في المملكة، والتي يجب تحليلها وإعادة هيكلتها بالشكل التي يتناغم مع التغيير المؤسسي والنظامي في المملكة. مجلس الوزراء مكون من أعضائه الوزراء والذين يعملون تحت رئاسة خادم الحرمين الشريفين، وهذا له ميزه مهمة، حيث ان الملك يراقب اعمال الوزراء عن قرب ويوجه لهم ملاحظاته و أوامره ويستمع لمرئياتهم بما يخدم مصلحة الدولة. لكن، ادخال مجلس الوزراء تحت مظلة السلطة التشريعية وتحت مظلة الدولة التي تدير الحكومة قد يعيق عملية مكافحة الفساد والمساءلة من ناحية، و توجيه اللوم للدولة عند إخفاق الحكومة في تنفيذ واجباتها إذا كان هناك تداخل ما بين مسؤوليات الدولة والحكومة من ناحية اخرى.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال