الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
جميعنا يواجه خيارات كثيره في حياته والكثير منها تستوجب علينا اتخاذ قرار حيالها. ولكي نحقق قرارات متوازنة في الأمور المالية، الشخصية، المهنية، الصحية، العائلية، وغيرها الكثير يجب أن يكون لدينا مفهوم واضح عن الاحتياجات والرغبات. فوضوح هذه المفاهيم تساعد على التوازن في شتى الأمور لتصبح القرارات المتخذة أكثر فاعلية وتحقق رفع كفاءة الإنفاق في جميع المجالات. والجدير بالذكر أن مبدأ رفع كفاءة الإنفاق هو أحد الأهداف وأهم ركائز رؤية 2030. فالبعض يعتقد أن رفع كفاءة الإنفاق هو تقليص أو التقشف في الإنفاق، وهذا غير صحيح، فولاة الأمر – حفظهم الله – حريصون كل الحرص على توفير أفضل الخدمات للمجتمع والارتقاء بها، لذلك فالمقصود هو تعزيز الإنفاق في شتى المجالات تحت ضوابط وآليات حسب الاحتياجات والأهداف والأثر الإيجابي للمصلحة العامة. وعليه، فإن مفهوم رفع كفاءة الإنفاق ليس محصور على المستوى المؤسسي أو المشاريع أو المبادرات وغيرها، بل يشمل المستوى الشخصي والمهني والعائلي كذلك. فالمبدأ هو التمييز ما بين الاحتياج والرغبة.
قد نجد الكثير يركز على الرغبات أكثر من الاحتياجات كونها تعتبر من الكماليات وهي غالبا مغرية في طبيعتها الى درجة أننا قد نهمل الاحتياجات الأساسية. ونتفاجأ في نهاية المطاف أننا لم نحقق أهدافنا الأساسية كالادخار، التعليم، العلاج، وغيرها. ومن ناحية أخرى، يحول البعض بلا شعور الاحتياجات الى رغبات من خلال الإسراف في الشيء. على سبيل المثال، يعتبر شراء السيارة من الاحتياجات، ولكن عند تحمل الديون لشراء سيارة فارهه لا تقدم أو تأخر من كونها (وسيلة) فإننا حولنا الأساسيات الى رغبات. السيارة الفارهة تعتبر رغبة أوصلتنا الى صنع قرار قد ينتهي بإخفاقنا لأمور وقرارات اهم من ذلك. خصوصا مع وجود الكثير من الإعلانات وتأثير بعض المسوقين على المستهلكين، نجد قائمة الرغبات تتحول الى احتياجات بسبب طريقة عرض تلك السلع لسد احتياجاتك بطريقة ملهمة.
فالكثير من اجتماعات العصف الذهني لنقاش أفكار جديدة أو خطط استراتيجية أو حل مشاكل معينة تكون فعاله ولكن تقل فعاليتها بغياب مفهوم تحديد الاحتياجات لتحقيق الأهداف. فقد تكون المشكلة ليس مشكلة أساس أو الحل حلا مؤقتا أو غير فعال في غياب مفهوم الاحتياج وقد ننتهي كالحصان الميت والذي سنتطرق إليه في المقال القادم بإذن الله. على سبيل المثال، عدم قضاء إجازة صيفيه خارج البلاد تعتبر لدى البعض مشكلة، بالتالي يلجؤون الى القروض البنكية. ولكن عند تحديد احتياج هذه العائلة نجد أن قضاء الإجازة ليست مشكلة أساسية، وذلك لوجود احتياجات أهم من ذلك، كادخار لشراء منزل، زواج، علاج، استثمار، تسديد ديون، الخ. فترتيب الأولويات بناء على الاحتياجات لتحقيق أهدافنا أمر مهم جدا لاتخاذ القرار المناسب واستخدام البدائل المناسبة لتحقيق التوازن المعيشي. وكما قال تعالى (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا) وهذا يدل على العدل والوسطية في الإنفاق، فالإسراف أو التقشف الضار امر مدمر لاي كيان لأنه يعتبر تضيعه المال في غير مكانه.
وفي الختام، ما ترغب به الآن قد تكون حاجه لغيرك والعكس صحيح، وإذا ركزنا على احتياجاتنا التي تحقق أهدافنا، سوف نلبي رغباتنا بطريقة غير مباشرة. رفع كفاءة الإنفاق في حياتنا هي ممارسات العقلاء التي تعزز من تقدم المجتمعات وتطورها وثباتها في المستقبل بأذن الله، وليكن عامنا الجديد بداية لمراجعة أهدافنا واحتياجاتنا التي سوف تبنى عليها قراراتنا. تحياتي لكم،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال