الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كثير من الشركات القديمة في القطاع الخاص في طريقها للخروج من السوق بسبب ممارستها للعمل التجاري بمفهوم “الزبون في الجيب” ومحليا فقط، وهو نهج أدى إلى غياب استراتيجيات حقيقية قائمة على مبدأ السوق وفرصه وتقلباته في هذه المنشآت خاصة في المقاولات والتعهدات، بسبب استمراءها نهج العقود المحلية المضمونة أو شبه المضمونة سواءاً مع زبون القطاع العام أو الخاص.
رؤية 2030 مستمرة – منذ انطلاقتها – في إعطاء إشارات قوية بأن حاضر ومستقبل المملكة لن يقبلا ما كان يجري في الماضي، والتشريعات والأنظمة والسياسات التي خرجت ومازالت تخرج من تحت عباءتها لا يمكن أن لا تُقرأ جيدا في هذا الخصوص، كما أن الأرقام والمؤشرات الاقتصادية التي تفيد بالتغيير لا يمكن تغافلهما، وأتت الجائحة لتبدأ في دق مسامير نعش هذه الأسلوب في العمل.
ومع اشتداد الخناق على الفساد وحصاره من كل زواياه، جعل من نهج “الزبون في الجيب” التي اعتمدتها نوعية شاذة من شركات القطاع الخاص الفاسدة في نشاطها التجاري إلى تسريع عملية أفول هذا المفهوم وبلا عودة، وغالبا هذه الشرذمة من الشركات الفاسدة ستخرج من السوق – إن لم تكن قد بدأت بالفعل عملية الخروج – إما بسبب تورط أصحابها في قضايا فساد أو بسبب تجفيف مستنقعات الفساد، فهذه الفئة من المنشآت لا مجال أمامها للمناورة أمام الجهود الجبارة لعدة جهات معنية بترتيب أوضاع السوق مثل وزارة المالية، ووزارة التجارة، وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، والهيئة العامة للزكاة والدخل.
في العموم، نهج الشركات التقليدية هذه، والتي تربط مصيرها بأسماء معينة في القطاعين لم يعد آمن بل وفيه الكثير من المخاطرة على استدامة أعمالهم التجارية في المستقبل، مما يعني أن هذه الشركات ليس أمامها إلا القيام الفوري إلى إعادة هيكلة فكرية – قبل الهيكلة التشغيلية – إذا ما أرادوا الاستمرار والتواجد في السوق.
مفهوم التواجد والعمل في أسواق جديدة مهم لهذه الشركات، فكما أن شركات عالمية مثل “بكتل” الأمريكية و”ساينوبيك” الصينية تنافسان على المشاريع بالمملكة، فلا بد للكثير من هذه الشركات السعودية أن تبدأ دخول أسواق عالمية جديدة وتنافس فيها إذا أرادت البقاء، ويمكن لها الاستفادة من تجارب شركات مثل سابك والاتصالات وزين وموبايلي وصافولا والمراعي وغيرها من شركات تنافس في الأسواق العالمية، بغرض إعادة وضع استراتيجيات جديدة قائمة على قواعد السوق والمنافسة محليا وإقليميا وعالميا.
هنا، ربما استقطاب بعض من قيادات الشركات التي لها باع في الأسواق الأخرى، سواءاً من المتقاعدين أو مازالوا على رأس العمل يكون له قيمة مضافة خاصة في وضع اللبنات الأولى لاستراتيجيات العمل الجديد وطرق أبواب أسواق جديدة لخبرتهم الثرية في هذا المضمار، كما يمكن التشارك أو حتى الاستحواذ على منشآت ريادية صغيرة لديها حلول تسويقية ومعرفة تحليلية بالأسواق الإقليمية والعالمية.
استراتيجية “الزبون في الجيب” قد ولّى زمنها، ومن لم يعي هذه الحقيقة ممن ما زال متواجد في السوق، سيعيها عندما يجد نفسه خارجه وفي وقت أسرع مما يتخيل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال