أهمية الشركات الناشئة

تواجه العديد من البلدان تحديات مصيرية انتجتها التغييرات المفاجئة والحادة في مصادر المداخيل الوطنية والضغوط المتعددة على بيئات العمل التجاري المحلي و الدولي. وتصبح الاجابة على سؤال: كيف من الممكن بناء صناعات جديدة تصبح مصدراً للمداخيل الوطنية ومصنعاً للوظائف متعددة المستويات بدلاً من الصناعات القديمة التى اصبحت راكدة بعد عقود من الازدهار؟ اجابة اساسية لتشكيل مستقبل اي دولة. وبلادي فنلندا خير مثال علي ذلك. تواجه فنلندا تراجع ثلاثة قطاعات رئيسية من تجارتها الخارجية: الغابات ومنتجاتها، والإلكترونيات، وبناء السفن. فقد كانت منتجات الغابات من الاخشاب تشكل أكثر من 50% من الصادرات الخارجية في مطلع السبعينات من القرن الماضي، الا أنها تشكل حاليا 20 % فقط. كذلك فقد كانت منتجات “نوكيا” من هواتف المحمول تشكل 20% من الصادرات الخارجية، الا أنها تشكل حاليا أقل من 3% فقط. كذلك قطاع بناء السفن يواجه منافسة حادة من الدول التي تنعم بالعمالة الرخيصة – الأمر – الذي أدي الي إغلاق الكثير من شركات بناء السفن. كما ادت العقوبات الاقتصادية على روسيا، التي تعتبر الشريك التجاري الاكبر لفنلندا، الى ركود شديد في صناعتي الزراعة والالبان. وفي هذا الوضع القاتم، يلوح شعاع من الأمل يحمله مشهد الشركات الناشئة الذي يعج بالحركة في فنلندا. فقبل عشر سنوات فقط كان الإقتصاد الناشئ شبه معدوم في فنلندا، ويعتمد علي عدد قليل من الأفراد الذين تمكنوا من تنميته. فعلي سبيل المثال، لينوس تورفالدس واضع نظام التشغيل الشهير “لينكس” وعلى الرغم من أنه لم يحقق نجاحا ماديا كبيرا (فقد كان نظام لينكس يقدم خدمة مجانية) الا أن السيد تورفالدس أصبح رقماً مهماً في عالم الحوسبة. كذلك مايكل ويدينوس، مخترع قاعدة بيانات MySQL مفتوحة المصدر، والذي تعتبر الشبكة الثانية من حيث الشعبية والذي تم شراؤها من قبل شركة صن مايكروسيستمز – إحدي كبر شركات التقنية في العالم- بما يقدر بمليار دولار أمريكي في عام 2008. والشركات المبتدئة الفنلندية تراقبها عن كثب اليوم الكثير من شركات رأس المال العالمية المغامرة، وحصلت على تمويل يعتبر الثاني من حيث نصيب الفرد في أوربا. اليوم قدمت هذه الشركات للعالم منتجات وخدمات رائدة في مجالاتها وتخصصاتها، وغالبا ما تبلغ قيمتها مليارات الدولارت مثل شركات(Valkee) , ZenRobotics) ,( Moves) ,( DealDash)) وغيرها الكثير من الشركات الأخري التي قدمت امثلة رائعة في الابداع والانتاجية. ولكن ما الذي يمكن ان يغذي هذه التغييرات السريعة؟ ففي رأيي، إنه تضافر لعديد من الجوانب الهامة التي تشكل معا بيئة للقاء الإبداع والإستثمار وانتاج النجاحات المتتالية، والجوانب الرئيسية لمثل هذه البيئة: -مجانية التعليم عالي الجودة وأن يكون في متناول الجميع (فنلندا في المرتبة الأولي من حيث التعليم في العالم -أمثلة للنجاح المبكر من قبل عدد قليل من الرواد من بينهم نوكيا، ولينكس و MySQL3. تيكيس ، وكالة التمويل الفنلندية للتكنولوجيا – التي توفر أكثر من 700 مليون دولار من التمويل الحكومي سنويا للشركات الناشئة في فنلندا – وجود برامج تسريع الأعمال، مثل الذي تديرها جامعة (آلتو) الفنلدندية وكذلك برنامج مسرع آخر تديره وزارة العمل. كذلك وجود موقع متخصص بأخبار وتقارير الشركات الناشئة، يستفيد منه الكثير من العاملين في هذا المجال.. أكبر حدث للشركات المبتدئة في أوربا حيث يلتقي الآلاف من رجال الأعمال والمستثمرين في كل عام، و يدعى سلاش.6. وجود العقلية المشتركة العامة الداعمة لمثل هذه الشركات الناشئة. -ومن المفارقات أن عدداً كبيرا من موظفي شركة نوكيا، الذين يملكون مواهب و خبرات مميزة، اصبحو بلا عمل و اصبحو مورداً مهماً لهذه الشركات الناشئة. في عمودي المقبل سوف أحاول التعمق أكثر في عوامل النجاح والتطرق لقصص البدايات المعروفة في فنلندا وحول العالم. ———— عمل نك روسوكو في مراكز قيادية متعدده في عدد من الشركات العاملة في مجال الاعلام والتجارة الالكترونية في فنلندا ، المانيا، الولايات المتحدة الامريكية والسعودية. قام نك بتأسيس عدد من المشاريع الناشئة حول العالم، و يقوم حالياً بدور استشاري واشرافي لهذة المشاريع. في السعودية، انشاء موقع ابي سيارة www.abisayara.com لبيع و شراء السيارات عن طريق الانترنت