الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تابعتُ مثل ما تابع الكثير من العالم قرار الحكومة السعودية وهو ايقاف تعاملها مع الشركات والمؤسسات التجارية الاجنبية التي تقيم مكاتبها الإقليمية خارج المملكة، وذلك اعتباراَ من يناير 2024م ويشمل ذلك جميع الاجهزة والمؤسسات والهيئات التابعة للحكومة.
نعلم إن الاقتصاد السعودي متين ومن ضمن اقوى اقتصادات العالم، وهو اقوى اقتصاد بالشرق الاوسط حيثُ يشكل ما يقارب 50% من اقتصاد دول الخليج العربي، ويشكل 25% من اقتصاد الدول العربية، وأيضاً اقتصادنا في تزايد ونمو متسارع، وهو قائم على تنويع القاعدة الاقتصادية. والاقتصاد السعودي واجهة مفضلة لكثير من الشركات العالمية والاقليمية، وأقوى المشاريع موجودة بالمملكة حيثُ أن 60% من المشاريع في الخليج موجودة بالمملكة العربية السعودية وأيضاً الكثافة السكانية حيث تشكل السعودية 59.6% من اجمالي سكان الخليج والقدرة المالية موجودة بالسعودية بجانب الإهتمام الحكومي السخي.
إن القرار شكلي فقط وتحفيزي بالمقام الأول، حيثُ عند إعلان سمو ولي العهد في الإعلام خلال كلمته في فعاليات اليوم الثاني من مبادرة مستقبل الاستثمار في دورتها الرابعة أن المملكة سوف تُعلن عن أكبر مدينة (صناعية) في العالم بمدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، وأيضا أن تكون من أكبر عشر مدن إقتصادية في العالم، وذلك من خلال رؤية 2030 عزمت 24 شركة عالمية على الإعلان على نقل مقراتها الإقليمية إلى الرياض.
القرارات الاقتصادية بالمملكة تكون مبنية على أُسس علمية وخطط مدروسة وتم دراستها بعناية، حيث إن هذا الإعلان لم يكن بيوم وليلة وإنما خطط إستراتيجية تم الإعلان عنها سابقا ضمن رؤية 2030. تابعت في عدة قنوات تلفزيونية وحسابات بتويتر ردود الأفعال بعد الإعلان و تفاجأهم بهذا القرار، و شاهدت في قناة سي ان بي سي الأمريكية CNBC المذيعة الداخلية بأمريكا تتكلم مع المذيع الخارجي بدبي وهم متفاجئين بعلامات الإستغراب والإستعجاب على وجوههم بهذا القرار، وأيضاً قال مايكل ستيفنز (Michael Stephens,Analyst, Foreign Policy Research Institute) وهو محلل في معهد أبحاث السياسة الخارجية ” إن هذه خطوة مثيرة وجريئة من الحكومة السعودية وهي مخاطرة كبيرة، وسوف تقطع الحكومة السعودية عملها لإقناع الشركات بالإنتقال” – أنتهى
القرار السعودي بوقف التعاقد الحكومي هو فقط لتسريع الوتيرة حيث أصحاب القرار يعلمون أن إقناع الشركات والمؤسسات لا يأتي بقرار، وإنما يأتي بعمل وخطط وتعديل في البيئة المالية وإصلاحات قضائية وتنظيمية وإدارية وتحسين نوعية الحياة والمرافق الخدمية واللوجستية والسكنية وهي متكاملة لكن يحتاج إلى جهد بسيط لتتنافس مع أي مركز إقليمي أخر في المنطقة. والدليل إعطاء مدة لا تقل عن 3 سنوات لتهيئة الجو العام من بيئة اقتصادية ومالية وتنظيمية وخدمية وقضائية وإدارية.
وأحب أن أذكر للمتابعين من المتخصصين أو غير المتخصصين والذين لهم رأي في أن القرار الحكومي جريء وللذين لا يعرفون عن الإقتصاد السعودي هو أن 1- الإقتصاد السعودي له مكانة وأهمية كبيرة في الإقتصاد الدولي وهذه الأهمية ليست وليدة اليوم وإنما منذ السبعينيات، حتى هذا اليوم نجد السعودية من أكبر الدول المصدرة للنفط الخام ولها دور فعال في السوق النفطية من خلال منظمة الأوبك ولها ضخامة ومتانة في حجم التجارة الخارجية للمملكة حيثُ أن هذه التجارة تطورت خلال السنوات وأزدادت من حوالي 27 مليار دولار عام 1972 م مرورا ب 410 مليار دولار عام 1982م إلى اكثر من ترليون دولار خلال السنتين الماضيتين. وأيضا إرتباط الإقتصاد السعودي بالإقتصاد العالمي قوي ومتطور ومتين وفي نمو وذلك من خلال المساعدات والقروض التي تقدمها السعودية، وإستيرادها للعمالة، وتطور السوق المالي السعودي حيث أصبح تداول من أكبر بورصات العالم من حيث السيولة بواقع تقريبا 72 مليار دولار وغيرها من الأمور الاقتصادية، وكمثال فإن الصادرات السعودية الغير بترولية نمت بواقع 183 مليار ريال خلال 2020و أيضا وصلت إلى الصين ” الشريك الرئيسي للمملكة في التبادل التجاري” ومن بعدها بالترتيب الإمارات العربية المتحدة وسنغافورة والهند وبلجيكا والكويت ومصر والولايات المتحدة الأمريكية والقائمة تطول.
2- إن المملكة عملت على المساهمة في تنوع مصادر دخلها ومساهمة القطاع غير النفطي والعمل على القوانين الخاصة والمتعلقة بالاستثمارات وأيضاً تعديل الإجراءات المالية والإقتصادية والتنظيمية والقضائية (التشريعية) و تسهيل الإجراءات القانونية، وكذلك إنفتاح الإقتصاد السعودي على الإقتصاد العالمي وتوفير المناخ الأمني والسياسي الملائمين، وإستكمال البنية التحتية وإنشاء الهيئات ذات العلاقة.
الجميل في هذا الإعلان هو أن الحكومة سوف تُعلن ضوابط وتفاصيل كاملة بنهاية العام الجاري وسوف يكون هناك إستثناءات لبعض القطاعات ولو لوقت محدد مستقبلي لهذه الإستثناءات. المتابع للإقتصاد السعودي يرى أن الإقتصاد السعودي من أكبر إقتصادات العالم والمصدر الرئيسي للنفط لذا يجب أن تزيد النسبة، فالنسبة تقترب من 5% للمقار الإقليمية في الرياض، وهذا سيتغير بعد هذه الخطوة لتزيد الفرص الوظيفية لشبابنا وشاباتنا في إيجاد وظائف جديدة والتقليل من نسبة البطالة وإجتذاب أكبر عدد من الإستثمار الأجنبي المبُاشر والذي سوف يستفيد منه القطاعات المحلية بشكل غير مباشر على الأقل بين 15%-20% ، أيضاً نقل الخبرات الأجنبية وتوطين ونقل التقنية والمعرفة الإدارية والعلمية والإستفادة منها، و أيضاً إحتكاك الشركات المحلية بالشركات العالمية وهذا للأسف كله غير موجود أو محدود وبالمقابل هذه الشركات العالمية والتي لها مقار إقليمية خارج الرياض تربح سنوياً أرباح خيالية من السوق السعودي، إذن هذا القرار هو من مصلحة الطرفين الإقتصاد السعودي من جهة وكذلك الشركات العالمية من جهة أخرى حيثُ أن هذه الشركات يهمها أن يكون الإقتصاد قوي ومتين ومساعد لها في تنفيذ خططها ومشاريعها المستقبلية.
الإستثمار الأجنبي المُباشر مهم لإقتصاد البلد وله جوانب إيجابية ويساعد على دفع عجلة النمو الإقتصادية إلى الأمام حيثُ قال ديترلن يوجد الإستثمار ” في صميم الحياة الإقتصادية، والنظرية النقدية، نظرية التقلبات، نظرية النمو والفائدة، والتنبؤ وإختيارات الفرص”
الرياض 2030 سوف تساعد وتحفز كثير من الشركات العالمية على الإنتقال إلى الرياض وكذلك الشركات التي ليس لها مقار إقليمية بالمنطقة على فتح مقر إقليمي بالرياض حيثُ هذا النوع من الشركات التي ليس لها مقر إقليمي بالمنطقة تنتهي بإنتهاء عمل مشاريعها بالمنطقة وسوف تفكر جديا بفتح مقر إقليمي وتكون عن قرب من البيئة الإقتصادية السعودية ومن المنطقة ككل. ومصير هذي الشركات التي لديها تعاقدات مع الحكومة بجميع أشكال مؤسساتها أو التي خارج هذه التعاقدات لديها فرصة بنقل مقراتها الى الرياض.
لا ننسى دور هيئة تطوير الرياض في رسم الخطط الرئيسية لمدينة الرياض ومن أهم أدوات التنفيذ للخطط أمانة منطقة الرياض، وهي شريك رئيسي في هذا التطور الهائل والقرارات التي تعلن عنها الحكومة السعودية في جميع المجالات والتي تكون مبنية على دراسات وبما تتوافق مع رؤية 2030 فإن عمل أمانة منطقة الرياض لها دور رئيسي وفعال ومهم وبقيادة الخلوق أمين المنطقة: سمو الأمير فيصل بن عبدالعزيز بن عياف، وهي الأداة المهمة في إتمام مبادرة الرياض 2030 حيثُ أن أمانة مدينة الرياض لها تجربة طويلة وعميقة في التنمية من خلال خطط التنمية والتي طبقت في السنوات الماضية، و أيضاً الأمانة تطورت تطوراً ملحوظ خلال السنوات الماضية من حيث التنظيم الإداري والأجهزة وتحديثها وإنجاز المعاملات والتقنية والإهتمام بالعنصر البشري من خلال التدريب والمهارات وإعداد القياديين من الجنسين، وضخ دماء جديدة حيثُ يساعدها على مسايرة التغيرات الإقتصادية وتحقيق الأهداف في البلد ومسايرة حركة التطور الشاملة التي نعيشها في جميع المجالات.
أمانة منطقة الرياض قامت ولا زالت تعمل على تطبيق أساليب الإدارة والتنظيم والتخطيط الحديثة وتطوير موظفيها على أحدث التقنيات والأجهزة وتدريبهم وإبتعاثهم، حيثُ أن الأمانة تتألف من وكالات وإدارات عامة لكن الإدارات التي ترتبط بالأمين مباشرة: الإدارة القانونية وإدارة التطوير الإداري، إدارة التخطيط والتنسيق، إدارة العلاقات العامة، مكتب الأمين، مكتب التنسيق، وحدة المتابعة، مركز المعلومات، وهذا يدل على الحرص على متابعة العمل وتنفيذ الخطط وتطبيقها ضمن مؤشرات لقياس الأداء.
علماً أن أمانة منطقة الرياض تم إنشائها خلال المرحلة الأولى للتنظيم العمراني لمدينة الرياض عام 1394 هجري من ضمن إنشاء 3 مباني إدارية وهي الإمارة والأمانة والشرطة.
وأخيراً، كما نعرف فإن المملكة العربية السعودية تسعى الى تحقيق أهداف ومن ضمنها أولًا أحداث تغييرات في بنية الإقتصاد وثانيًا المشاركة في التنمية والرفاهية الإجتماعية وثالثًا وهو الإهتمام بالفعالية الإقتصادية والإدارية من خلال عدة أمور.
القرار جداً مهم وحاسم ومفرح بنفس الوقت لنا وللأجيال القادمة، حيثُ هذا النوع من القرارات النوعية تساعد بنمو الاقتصاد السعودي بشكل كبير وتغير من البيئة الإقتصادي بالسعودية إلى الأفضل والإحتكاك المباشر مع الإقتصاد العالمي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال