الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يبقى الإنسان داخل طوق النجاة وسط لجج المحيط حتى يوصله سائق أجرة الموج إلى الشاطئ عائماً على طوقه أو يظهره للكاميرات الحرارية للطوافات الباحثة.
ماذا لو كان هذا المحيط مليئاً بالمفترِسات البحرية وعرضةً للتيارات الجارفة إلى العمق، والدوامات العملاقة، ومظنة الضباب الكثيف الذي يفقدك لأي سيطرة أو فأل!
يمكن أن نرى عالم الأعمال بهذه الصورة، بتلك الشراسة، والقتال من أجل البقاء، وصناعة الأفخاخ للمنافسين، والتقليد، وقتال الأسعار، وغير ذلك من أنواع الافتراس التجاري الذي تتعرض له الشركات ومؤسسات العمل فيما يمكن تسميته بـ(المحيط الأحمر). بينما يمكن لشركة أن تخرج من هذا المحيط إلى المحيط (الأزرق) الخالي من المخاطر المهلِكة، وربما كان مليئاً بأطواق النجاة، فتعوم هناك، وتطور سوقها، ولربما امتلكت المحيط بأكمله.
تعود فكرة (المحيط الأزرق والمحيط الأحمر) إلى تشان كيم ورينيه موبورن؛ حيث قدّما رؤية للسوق بهذه الفلسفة، فالأحمر جانب يركز على السعر والجودة في الغالب، ويتقاتل فيه المنافسون بدموية من أجل البقاء، بينما الأزرق هادئ يركز على القيمة.
الإضافة في هذا المقال هي طوق النجاة؛ وذلكم هو (الابتكار) الذي يجب أن يكون قيمة بحدّ ذاته، أو سمة للقيمة، فتكون القيمة المقدمة للعميل مبتكرة غير مسبوقة، لها سوق جديد أو شريحة عملاء جديدة.
لاحظ القيمة في هذا الشعار مثلاً: “سرعة طيارة .. بسعر سيارة” لتجد أنها تحقق رفاهية بسعر زهيد، هذا ما ابتكرته شركة الطيران الأمريكية (ساوث ويست)؛ حيث لم تقم باستثمارات إضافية في وجبات الطعام والصالات وخيارات الجلوس وغيرها، ولا في ابتكار تكنولوجي جديد، بل ابتكرت قيمة للعميل فخفضت التكلفة فقط دون تغيير في الخدمات الأخرى، وحققت بذلك مبيعات عالية. لاحظ هنا أنها خرجت من المحيط الأحمر (المنافسة) إلى المحيط الأزرق (القيمة) وكان طوق نجاتها (ابتكار) شريحة جديدة للعملاء وهم أصحاب الدخل الأقل لإشراكهم في تجربة الرفاهية التي تقدمها الشركة لعملائها الآخرين.
من المعلوم أن الابتكار يسعى لتحقيق الاستدامة من خلال منتج أو خدمة جيدة تضيف قيمة اقتصادية إلى السوق وتأثر إيجاباً على البيئة والمجتمع.
الابتكار ليس حكراً على المنتجات أو الخدمات، بل يمكن أن يكون في نموذج العمل نفسه، من خلال ابتكار القيمة المقدمة للعميل.
إلا أن المحيط الأزرق هذا، قد يجلب المنافسين والأنظار بعد زمن، فلا يلبث أن يتحول إلى محيط أحمر، لذا من الضروري جداً ولكي تبقى عائماً في المحيط الأزرق: أن تجدد طوق النجاة، وتعمل على ابتكارات جديدة في سلسلة القيمة وفي نموذج العمل (business model)، بما يضمن لك البقاء الأطول، وتأخر وصول المنافسين بـ “عُقَد” ضوئية، والاحتفاظ بمحيطك الأزرق ناجياً بطوقك المبتَكَر لأطول فترة زمنية ممكنة.
بقي أن تعلم أن طوق النجاة في الغالب؛ ابتكارٌ يتكون (فلّينه) من استراتيجيات للتعامل مع غير العملاء، وإيجاد الأمور المشتركة بينهم لخلق سوق جديد، وقيمة استثنائية، ومحيطٍ أنت تشكّل أمواجه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال