الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بدايةً، أتوجه بالشكر الجزيل لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله و للمجلس الاقتصادي التنموي على الموافقة بفرض الرسوم على الأراضي البيضاء، استجابةً للنداءات التي تقدم بها ثُلةً من أبناء هذا الوطن المخلصين، الرامية إلى فك الأحتكار عن الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني و التي تسبب على إثرها تضخم في أسعار الأراضي إلى أضعاف مضاعفة تسببت في حدوث خلل في اقتصاديات هذا القطاع فضلاً عن الأبعاد الأمنية والإجتماعية والتنموية المترتبة عن هذا التضخم المفتعل، و الغير مبرر، نتيجة عمليات مضاربة على تلك الأراضي التي أصبح سعر المتر منها أغلى من جرام الذهب وشتان بين السلعتين!
إن الواقع و المنطق لا يختلفان مع العقل الذي وهبنا الله أياه، لنميّز بين الماء والنار، إلا أن بعض تجار قطاع العقار جعلوا بعض العقول المتابعة لواقع هذا القطاع لا تميز بين حقيقة القيمة العادلة للأراضي وبين القيمة الغير العادلة التي وصلت إليه. ولو عدنا للتكلفة التاريخية لتلك الأراضي المحتكرة لوجدنا ما يعرض الآن بـ ٣٠٠٠ ريال للمتر الواحد، قد تم تسجيله في الدفاتر المحاسبية بـ ٣٠ ريال قبل حدوث هذا التضخم و إن لم يكن أقل من ذلك، كما هو معلوم لدى الجميع، علماً بأن تلك الأراضي المحتكرة لم تشهد أي تطوير قد يعزز نسبياً قيمتها السوقية وإنما أرضٌ جرداء قاحلة تقتص مساحات شاسعة و مستفيدة من وصول الخدمات إليها ولكن أهلها فضلوا بقاءها على أن يستفيد منها المجتمع مع علمهم بأنهم سبب في تفاقم هذه المشكلة!
و مما سعوا في إشاعته – أقصد المحتكرين و المضاربين- خلال الفترة الماضية ما تم تداوله ونقله عن أكثرهم بالقول “بأن فرض الرسوم سوف يتم تحميلها على المواطن” ومما لا شك فيه بأن من يفقه ولو قليلاً في الاقتصاد ومتابع لواقع السوق العقاري يعلم علم اليقين بأن هذا القول باطل ومردود على أصحابه. حيث أن الفجوة العقارية بين القوة الشرائية والأسعار الحالية تتحدث عن عدم قدرة المواطن على تملك تلك الأراضي أو حتى المساكن فكيف بالحال عند تعاظم الاسعار!
ومن الأمور التي يجب أن يُشار إليها ويحتاط لها خلال الفترة المقبلة خاصة من الناحية الاستثمارية هي قيمة الأصول العقارية في كثير من الشركات، وخاصة من تحتضن في خزينتها برصيد ضخم من المخططات والأراضي، حيث أن الأبعاد الاقتصادية لقرار فرض الرسوم سوف يفرض على تلك الشركات إعادة تقييم أصولها وإيجاد معالجة محاسبية لقرار فرض الرسوم، فالقيم التي ترتكز عليها تلك الشركات في الوضع الحالي سوف يكلفها كثيراً في حال لم يتم إعادة إستثمار تلك المخططات والأراضي ليكون لها عوائد تستفيد منها وتجعلها في معزل عن قرار فرض الرسوم.
إن قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء هو أحد أبرز القرارات الإستراتيجية التي طال إنتظارها بلا شك، والتي سوف تلامس العديد من القضايا و على رأسها القضايا التي تهدد أمن المجتمع في الدرجة الأولى. لذا فإن المصلحة تقتضي الحزم في تطبيق القرار والمضي في قرارات مماثلة تعالج تشوهات كثيراً من الجوانب التنموية والتي لا تقل خطورة بعضها عن المخاطر التي قد تنشب في حال حدوث –لا قدر الله- إخفاق في تطبيق القرار.
نايف
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال