الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عدد الشركات المساهمة سواءً المغلقة أو المدرجة تتزايد يوماً بعد يوم، وأصعب ما في هذا النمو تسيير الشركة وإدارتها، وكما قال مصطفى كمال طه: (هناك تشابه بين شركة المساهمة وبين الدولة الديمقراطية الحديثة بالعالم،وصاغ القانون هذه الشركة كتلك السياسة، فمجلس الإدارة يتولى التنفيذ كالوزارة، والجمعية العامة تمثل المساهمين كالبرلمان، ومراقبوا الحسابات يقومون بالتحقيق، ونظام الشركة هو الدستور). فالشركة المساهمة ذات تفريعات وإدارات وأصول ضخمة تشبه إدارة الدولة، الأمر الذي يؤدي لتضعيف المسؤولية، والنوع الذي تدار به الشركة المساهمة يتم عبر مجلس الإدارة الذي يمثل المساهمين، ويتم تفويض عضو منتدب من مجلس الإدارة بعد ذلك لمساعدة المجلس في تشغيل الشركة، ومنعاً لتركّز السلطة في يد شخص واحد؛ فإنه لا يجوز أن يكون العضو المنتدب رئيساً للمجلس طبقاً لما قررته المادة (81) من نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 28/1/1437هـ، وأحيانا مايتبع الرئيس التنفيذي في بعض الإدارات والفروع إلى العضو المنتدب، وأحياناً مانجد أن العضو المنتدب هو نفسه الرئيس التنفيذي أو المدير العام على اختلاف في توزيع المهام و التسميات بين الشركات.
ويمثل العضو المنتدب مجلس الإدارة، الذي يعتبر الجهة التنفيذية لقرارات الجمعية العامة باعتبارها صاحبة السلطة العليا في الشركة، ويعتبر العضو المنتدب في شركة المساهمة وكيلاً عن مجلس الإدارة في تنفيذ قراراته وتصريف شؤونه، وتمثيله أمام القضاء، وفقاً لأحكام المادة (82) من نظام الشركات.
والعضو المنتدب لا يعمل إلا في الشركات المساهمة، فهناك من يخلط في بعض الشركات ذات المسؤولية المحدودة، فيسمي نفسه العضو المنتدب، حيث حصر نظام الشركات في المادة (81) على تسمية العضو المنتدب في شركة المساهمة فقط، بينما تحدثت المادة (164) من ذات النظام عن ذات عن المسؤولية المحدودة بأنه يديرها (مدير) أو أكثر من مجلس المديرين.
وإن كانت تتشابه المهام الإدارية في الشركة ذات المسؤولية والشركة المساهمة، حتى قال الدكتور أكرم ياكلي: (شركة ذات المسؤولية المحدودة هي شركة مساهمة مصغرة تطبق عليها أحكام شركة المساهمة إلا ما استثني بنص خاص)؛ وربما لهذا السبب جاء ترتيب الشركة ذات المسؤولية المحدودة بعد شركة المساهمة في نظام الشركات، فمن وعى أحكام شركة المساهمة هان عليه ما بقي.
هذه المقدمة تقودنا لمعرفة عظمة مهمة العضو المنتدب، حيث أن الوعي الكافي لفلسفة الوظيفة أمر ضروري لوعي المسؤولية وغرض المشرع، عليه بات من الضروري على كل ذي منصب أن يتعرف على الواجبات والالتزامات اللازمة.
ومع ازدهار وانتشار الشركات المساهمة، فقد شدد نظام الشركات على مسؤولية العضو المنتدب، سواءً أن كانت تلك المسؤولية مدنية تخضع للقواعد العامة من حيث الخطأ وضرر والعلاقة السببية بينهما، أو المسؤولية الجنائية عن مخالفته لأحكام النظام أثناء ممارسته لأعمال الإدارة داخل الشركة، و هذه المخالفات قد تكون عمدية، الأمر الذي ينبغي معه تشديد العقوبة إذا توافرت شروط المسؤولية، وقد نشرت الجمعية الأمريكية للإدارة أن (٧٠٪) من القرارات الإدارية للمديرين يتبين أنها خاطئة بعد مرور مدة من الزمن، مايجعل التخوف من القرارات هاجسا لدى كثير منهم.
وقد وضعت إحدى المحاكم السعودية ضابطاً عادلاً للضرر الذي يقترفه مدير الشركة أو مجلس الإدارة ويُوجب المحاسبة، بأنه: (ذلك التصرف الخفي الذي ليس له غطاء نظامي ويُكشف بعد ذلك، كبيع أصول الشركة أو التنازل عن حقوقها، أو التبرع بممتلكاتها وغير ذلك مما يكون ظاهر فيه التفريط وبعيد عن الاجتهاد وحسن النية). (حكم قضائي رقم ٤٩/٢/لعام ١٤٣٥ه).
قريباً من هذا الضابط الذي أوردته المحكمة المختصة قاله المستشار محمود فهمي في كتابه مسؤولية أعضاء مجلس إدارة الشركة المساهمة: (يكون المدير قد وفّى الالتزام الملقى على عاتقه إذا بذل في تنفيذه من العناية ما لا يقل عما يبذله الرجل المعتاد).
وإن كان القانون الجزائي للشركات يقوم على فكرة (القانون الجزائي الرمزي) وفق ما عرضه الدكتور أحمد الورفلي في شرحه الوسيط، باعتبار أن نصوصه لا تطبق إلا في النادر وهو أمر يقبله المشرع بمحاسنه ومساوئه، والسبب في ذلك حسب التفسير الفقهي أن التطبيق النادر للجزاءات في نظام الشركات هدفه عدم تخويف مدراء الشركات من العمل أوتجنبهم هذه المناصب أو هجرة رؤوس الأموال لدول تحظى بقوانين أكثر تسامح ومرونة.
وعند التأمل والبحث في أغلب الجرائم والمخالفات التي تلاحق العضو المنتدب أثناء أو بعد عمله وينشأ عنها خلاف ونزاع، سواء كانت مخالفات جنائية أو إدارية نجدها تدور حول : نشر بيانات غير صحيحة عن الشركة،أو استغلال المعلومات السرية المتعلقة بالشركة، أو الإهمال أو التعسف في استعمال السلطة، وتجاوز حدوده النظامية المفوض فيها، أو مخالفته لأحكام النظام واللوائح، و الخطأ المخالف للنظام الأساسي للشركة.
وبما أنه أمامنا آلاف الشركات ذات الأنماط الإدارية المختلفة (مدير فرد، مديران، مجلس مديرين، مجلس إدارة بعضو منتدب أو بدونه)، ولكل نوع منها أحكامه النظامية الدقيقة، فإنه من المهم أن يعلّق أحدٌ الجرس بإنشاء برامج تدريبية (لتدريس مديري الشركات) هذه الأحكام والواجبات القانونية والسلطات والصلاحيات، لتخريج مدراء ورؤساء تنفيذيين يقودون منشآتهم بأمان ويحققون النهوض الاقتصادي بجودة وثبات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال