الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
خلال الأسبوع الماضي تناقلت وسائل الإعلام جميعها خبر إطلاق وكالة الطاقة الدولية خارطة الطريق لصافي انبعاثات صفري ، مع ضرورة الإيقاف الفوري لاستثمارات أنشطة المنبع في النفط والغاز. في الوقت الذي تمخضت جهود أوبك عن استدامة الأسعار واستقرار الاقتصاد العالمي، تتحرك وكالة الطاقة الدولية في الاتجاه المعاكس بنشر مثل هذه التقارير التي سوف تحدث تقلبات حادة في الأسعار لا يستطيع الاقتصاد العالمي الهش تحملها.
بهذا التقرير لم تفقد الوكالة مصداقيتها وحسب بل كشفت عن وجهها الحقيقي وتحيّزها الغير مبرر اتجاه دول الاستهلاك في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD عن غيرها متناسية بذلك:
* التغيرات الديموغرافية والنمو السكاني المضطرد والذي يترتب عليه زيادة الطلب على النفط والغاز ومشتقاتهما.
* حاجة الدول منخفضة الدخل.
* تكلفة هذه المشاريع وكيفية التمويل.
* نمو قطاع البتروكيماويات المتزايد.
* نقص الإمدادات البترولية حتى عام 2050.
* تجاهل المبادرات القائمة لخفض الانبعاثات على سبيل المثال الاقتصاد الدائري للكربون.
* القارة السمراء وشح مصادر الطاقة.
* جهود المملكة ومنظمة أوبك.
* عقبات الاستثمار، المعادن، التقنية.
بالنظر لهذا التقرير المُؤدلج أُحادي الهوى والجانب سوف تكون القارة السمراء ذات الدخل المنخفض والتي مازالت تصارع تبعات جائحة كورونا، هي أشد المتضررين بتبني الدول الأخرى لخارطة الطريق لصافي صفر انبعاثات. وكالة الطاقة الدولية لم توفي بوعودها التمويلية لمشاريع الطاقة المتجددة للقارة الأفريقية التي مازالت تفتقر للطاقة ولم تحقق الاكتفاء الذاتي، حيث يقبع أكثر من 592 مليون نسمة بحسب الهيئة الإفريقية للطاقة دون كهرباء. التحول لطاقات نظيفة سوف يتطلب الكثير من الوقت والاستثمارات لكن لن يكون على حساب المصالح الأفريقية ورفاهية مواطنيها.
الكثير يتوقع بأن الدول المنتجة للنفط والغاز تحارب فكرة التغير المناخي أو حتى الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة وذلك غير صحيح. الا انها في نفس الوقت لن تتهاون عن الدفاع عن احدى أهم مصادر ثرواتها الطبيعية فما الحل إذا؟ هو التوازن في الطرح وإشراك الدول وحثها على تبني استراتيجية خاصة لها تتماشى مع مصادرها وظروفها الخاصة لتكون قادرة على الإيفاء بالتزاماتها اتجاه ملف المناخ وهذا ما صرح به سابقا صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي في” حال كان القصد هو التخلي عن مصادرنا فسوف تكون مشاركتنا محدودة”. المملكة وبدورها الريادي وخلال قمة العشرين العام المنصرم أطلقت مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون الذي بدوره سوف يقلل من الانبعاثات ويساهم نحو أمن الطاقة للدول منخفضة الدخل و اقتصادات العالم في الجانب الأخرى. كما أن هذا التقرير هو تقويض لما تم تحقيقه من منظمة أوبك خلال الفترة الماضية من استقرار لأسواق الطاقة والمحافظة على مستويات أسعار النفط لتناسب الجميع منتجين ومستوردين. انخفاض الاستثمارات في قطاع المنبع سوف يكون له عواقب وخيمة وعلى المجتمع الدولي التنبه لها وتحمل الآثار المترتبة على ذلك.
ما يتجاهل التقرير هو حجم الاستثمارات الهائل وطرق التمويل، حيث يتم الاستثمار الحالي في قطاع الطاقات المتجددة قرابة واحد ترليون سنويا ولكي يتم الوصول لصافي صفر انبعاثات سوف يرتفع إجمالي الاستثمار في الطاقة إلى 5 تريليونات دولار بحلول عام 2030. قطاع التعدين وندرة بعض المعادن سوف تكون عقبة كبيرة لتصنيع المواد المستخدمة في الألواح الشمسية أو حتى زعانف المستخدمة في طاقة الرياح، حيث يتطلب الأمر زيادة سنوية من الطاقة الشمسية الكهروضوئية لتصل إلى 630 جيجاوات بحلول عام 2030 وهو ما يعادل أربعة أضعاف المستوى الحالي. بالإضافة لذلك قطاع البتروكيماويات متزايد النمو لن يكون بأحسن حال فعندما تتوقف الاستثمار في قطاع النفط والغاز سوف يخلق شح في الإمدادات مما يؤثر على الصناعات التحويلية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال