الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
دول الخليج والسعودية تحديدا، كانت راسا مكشوفة أمام العمالة الوافدة، لتعلم الحلاقة على رؤوس اليتامى، وتعلمت ومارست كل المهن والوظائف والحرف دون أن تكون محترفة أو لديها شهادة أو خبرة، ولهذا كان سوق العمل في السعودية اكبر سوق فوضوي وغير منظم، فضلا عن وجود عمالة غير مهنية ومدربة بل أصبحت السعودية واحدة من اكثر الدول التي يعمل فيها عمالة برخص مهنية وشهادات تعليم مزورة، وبلغوا مناصب ومواقع مهمة، رأينا الخباز يسوق سيارة أجرة والميكانيكي سكرتير والحلاق في محلات التبريد، والخياط في مكتب محاماة يرتب ملفات القضايا، وغيرها كثير من المهن والوظائف كان يتم التحايل فيها من اجل أن تعمل العمالة الوافدة كيفما تشاء دون رقيب.
ومنذ أن تم إعلان رؤية 2030 ومبادراتها، أخذت سلطات العمل خطوة نحو التصحيح، حيث بدأت في اعتماد الرخص المهنية لبعض الأنشطة، وضرورة الحصول عليها أو استخراجها لممارسة العمل، وهذه الخطوة سوف تنظم سوق المهن وتقلص من استقدام عمالة غير مدربة وغير مهنية بل كانت عمالة أمية.
في مطلع يوليو المقبل من هذا العام تطلق وزارة الموارد البشرية السعودية برنامج الفحص المهني بشان اعتماد اجتياز الفحص المهني للعامل المهني الراغب بالعمل في السعودية، بهدم ضمان عدم تدفق عمالة غير ماهرة ورفع مستوى الخدمات المقدمة بالسوق السعودي، دعونا نعترف أن هذا الأمر ليس له علاقة بالرؤية بقدر ما هو كسل وسوء إدارة لسوق العمل منذ عقود، كان من الممكن أن يكون هذا الإجراء قد حدث مبكرا لما وصلنا الى ما وصلنا إليه من تلاعب واحتكار لبعض المهن والحرف من بعض الجنسيات في السوق، وربما هذا التقصير نسوقه الى منظومة الفساد التي كانت تعاني منه معظم الوزارات والبيروقراطية التي كانت تعيشها، والبرج العاجي الذي كان يجلس فيه المسؤول لا يفكر في إصلاح ولا يقبل مقترحات أو أفكار.
ويبدا البرنامج في الفحص المهني من المنشآت العملاقة التي فيها من 3 الأف عامل واكثر، تليها في سبتمبر المنشآت الكبيرة التي فيها من 500 الى 3 الأف عامل، أما المنشآت المتوسطة يبدا الفحص المهني فيها في أكتوبر ويبلغ عدد العمالة فيها من 50 الى 500 ، وفي نوفمبر تخضع المنشآت الصغيرة من 6 الى 49 عامل للفحص المهني وفي مطلع يناير 2022 يشمل الفحص المهني للمنشآت فئة أ وتضم من عامل الى خمسة عمال، وبذلك يتم فحص جميع العمال المهنيين، ويهدف البرنامج الى التأكد من امتلاك العامل المهني للمهارات المطلوبة لإداء وظيفته من خلال إجراء اختبارات نظرية وعملية في المجال الذي يعمل فيه، وتتم هذه الاختبارات في مراكز تم اعتمادها من قبل المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ومعتمدة من قبل البرنامج، وحددت الوزارة ضرورة اجتياز الفحص المهني كمتطلب أساسي لإصدار تجديد رخص العمل.
لفت انتباهي في الدليل الإجرائي الذي نشرته وزارة الموارد البشرية، يتطلب من المنشاة التسجيل بالبوابة الإلكترونية للبرنامج وحجز موعد اختبار لعاملي المنشاة، وهذا في اعتقادي امر خاطي يفترض العاملون هم الذين يسجلون طالما انهم مهنيون ويرغبون تصحيح وضعهم وطالما انهم يعملون في نفس المهنة، فلماذا نقحم المؤسسات أو المنشآت في التسجيل، ونربط تجديد الإقامة أو بطاقة العمل مالم يستخرج بطاقة مهنية.
وهذا الأمر الصح خاصة واننا ألغينا نظام الكفيل وربطناها بالعلاقة التعاقدية وهنا يكون العامل هو المسؤول عن شهادته المهنية، ووفي حال عمل في أي منشآه دون أن يحصل على بطاقة مهنية، وقتها نحاسب المنشآة، أما أن المنشآة هي التي تسجل في الموقع، بصراحة لم استطع ربطها وعلاقتها بشهادة مهنية تخص العامل المهني، ويحتاج من وزارة الموارد إعادة صياغة شروطها.
كما لفت انتباهي أيضا أن المهنيين السعوديين يحق لهم دخول الاختبارات أنما غير ملزمين وهذا لا اعرف لماذا أعطت وزارة الموارد البشرية هذه الميزة للعامل المهني السعودي ولم تلزمه بالاختبار، أليس من المفروض أن تكون متساوية في التعامل دون تحيز، وتتعامل مع كل العمال بالمساواة دون تفرقة في لإجراءات، وهذا الأمر قد يثير حنق العمالة المهنية الوافدة، وأيضا ملاحظة أخرى هو أن صلاحية شهادة الفحص المهني، خمس سنوات قالت وزارة الموارد، وهذه فترة طويلة، خاصة وان الكثير من المهن تتطور سريعا ويحتاج الى تدريب متواصل، اعتقد ثلاث سنوات هي الأقرب والأنسب، واختارت الموارد البشرية 8 مهن بمختلف فروعها لبداية التدريب والفحص المهني وهي الكترونيات الاتصالات، الدهان، نجارة المباني، اللحام، التبريد والتكييف، ميكانيكا السيارات، السباكة والكهرباء.
من الواضح أن سوق العمل المهني في السعودية يتجه للتصحيح، والتنظيم يهمنا بعد برنامج الرخص المهنية نرى مستقبلا رابطة للمهن والحرف، واحتياجاتنا للمهن وفق معطيات السوق، واختيار أفضل الأسواق لاستيراد العمالة المهنية، ويتطلب من وزارة الموارد البشرية أن تطور برامجها بما يسهل وينظم سوق العمالة المهنية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال