الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لطالما كانت البطالة والتضخم من اهم وابرز المشاكل الاقتصادية التي تحدث عبر التاريخ ناهيك عن حدوثها العنيف ابان الازمات الاقتصادية العالمية وهذا امر طبيعي الحدوث لأنها تضرب المكونات الرئيسية للاقتصاد وشمولها كافة عناصره الإنتاجية فالاقتصاد يعتمد على ثلاث عناصر رئيسية وهي رأس المال والعمل والموارد الطبيعة وبدون تكاملها وتوظيفها مع بعضها البعض التوظيف الكامل تحدث المشكلة .
تقول منظمة العمل الدولية في آخر تقاريرها بأنه من المتوقع أن تسهم الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد في بطالة عالمية لأكثر من 220 مليون شخص هذا العام واضافة 75 مليون مع نهاية العام الجاري، مع تضرر النساء والشباب العاملين بشكل أكبر.
الكثير من الدول اليوم تعمل على تضييق الخناق بكبح جماح البطالة وكذلك معدلات التضخم وتختلف السياسات المالية والاقتصادية من دولة لأخرى وفق المعطيات التي تراها مناسبة لإدارة الازمة وبما يحقق اقل الخسائر الممكنة.
العلاقة بين البطالة والتضخم في ظل الظروف الاقتصادية العادية علاقة عكسية ولكنها في الازمات الاقتصادية تنفصل عن بعضها البعض لتشكل محددا مستقلا لكل منهما وهو ما يعني ان الحلول الاقتصادية تكون على حدة لكل منهما مع أهمية الالتقاء في مشاركة الحلول والنتائج وتميل معظم النظريات الاقتصادية الحديثة الى أن من ابرز الحلول لمعالجة البطالة وفقا لمفهوم منحنى فيليبس والذي يشير الى رفع مستوى التوظيف، من خلال رفع مستوى الطلب الكلي في الاقتصاد على حساب ارتفاع مستوى التضخم، فتنخفض البطالة ويزداد التضخم او خفض التضخم على حساب رفع مستوى البطالة بيد ان الامر في ازمة جائحة كورونا الامر مختلف في العلاقة بين التضخم والبطالة، لأنه أصبح هناك تضخم مع ركود اقتصادي وبطالة مرتفعة ، وهو ما يفسر استقلالية الحلول التي نادى بها بعض كبار المفكرين الاقتصاديين ممن عاصر تاريخ الازمات الاقتصادية السابقة فالجائحة أسهمت في خلق فجوة كبيرة في ارتفاع اعداد العاطلين عن العمل بسبب توقف الأنشطة الاقتصادية والاغلاق الكبير مما قلص من توليد الوظائف وتسريح العاملين خلال مدة قصيرة وهو ما أدى الى ارتفاع معدلات الفقر ( اكثر من 100 مليون فقير حول العالم ) صاحبه ارتفاع معدلات التضخم الذي عمق الجراح بشكل غير مسبوق في تاريخ الازمات وفي القابل يستبعد الكثير من مفكري علم الاقتصاد العودة الى تطبيق مفهوم منحنى فيليبس لانهم يرون ان هذا النمط غير مجدي في أسواق العمل من حيث التأثير على الأجور والاسعار وعلاقتها بأسعار المستهلك.
في جانب التضخم هناك جدلية اقتصادية تدور بين المفكرين ورجال المال حول رفع او تخفيض أسعار الفائدة لتقويض التضخم هذه الجدلية بين المؤيد والمعارض وذلك لما سترتب عليها نتائج منهما تداعيات ومخاوف مهمة حول الطلب الكلي والاستهلاك والانفاق والمدخرات ولازال الترقب سيد المشهد فيما يتعلق بقرارات البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والذي أكد في مارس الماضي على أنه لا نية لرفع أسعار الفائدة حتى عام 2023 ويرى المحللون بأن الاقتصاد سينسجم مع ارتفاع مستويات الانفاق دون حدوث أي ضغط تصاعدي قوي على الأسعار بالرغم من ارتفاع معدلات التضخم في منطقة اليورو والولايات المتحدة والتي اكدت على انه في نطاق السيطرة حيث وصل مؤخرا الى 4.2% وهو اعلى مستوى له منذ الازمة المالية العالمية.
مجمل القول : ستبقى متلازمة البطالة والتضخم التي خلفتها الازمة موجودة للأعوام القليلة القادمة في العديد من الدول وهناك جهود على مستوى الفكر والتنفيذ لوضع الحلول الفعلية والمبتكرة لعلاجها والتي تختلف باختلاف الظروف الاقتصادية وقدرتها على معالجة هذه التداعيات مثل تطبيق سياسة التوسع الائتماني والتيسير الكمي وتحفيز الطلب الكلي الذي من شأنه أيضا ان يسهم في النمو وخلق الفرص الوظيفية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال