الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في عام 1996م أعلن البنك الدولي عن اطلاقه لستة مؤشرات للحوكمة على مستوى الدول الرسمية المدرجة في قائمة الأمم المتحدة وبمسمى بـ “مؤشرات الحوكمة العالمية” من أجل أهداف اقتصادية وتنموية بحتة. يعلن البنك الدولي في كل عامين عن قياس أداء الدول حسب مؤشرات الحوكمة بآلية حسابية معقدة ثم صار الإعلان بشكل سنوي منذ 2006 بعد أن تغيرت آلية الحساب لديهم بالاستعانة بمنظمات ومؤشرات أخرى من أجل قياس الأداء. باختصار شديد، فإن مؤشرات الحوكمة العالمية الستة هي: الأول فهو المسألة والمشاركة ويقصد بها أولا هو تحديد الأدوار وتوزيع المسؤوليات من خلال تحديد دور ومسؤولية المشرع والمنفذ والمراقب ثم ربط المشرع بأصحاب المصلحة في المشاركة في صناعة واتخاذ القرار. أما الثاني فهو محاربة الفساد لأن الفساد وبكل بساطة هو تعطيل للتنمية وخراب للأمم.
وبالنسبة للمؤشر الثالث فهو فعالية الحوكمة ويستهدف فاعلية المنفذ للتشريعات التي وضعها المشرعون مثل البرلمانات كجهة تشريعية في دولة ديموقراطية أو كمجلس الدوما الروسي كدولة اشتراكية. أما مؤشر الاستقرار السياسي وغياب الإرهاب فهو الرابع وآليته تنفيذ الخطط الاستراتيجية للدول باستمرارية دون انقطاع وسهولة تداول السلطة وغيرها من الأمور المساعدة على استقرار الحكومات وليس شرطاً ان تكون انقلابات سياسية أو حرب. ثم يأتي الخامس وهو جودة التشريعات ومفهومه شمولية وكفاءة التشريعات الموضوعة والمساعدة في رفع مستوى التنمية. وأخيرا هو مؤشر سيادة القانون ويقاس عن طريقة معرفة الوضع الاجتماعي للدولة مثل غياب الطبقية بين أفراد المجتمع وتساوي الأعراق والأديان والمذاهب أمام القضاء وايضا تساوي الخدمات المقدمة لهم من الحكومة.
ومن المؤلم كمواطن سعودي ومحب لوطن أن تقرأ الإحصائيات التالية عن تصنيف مملكتنا الحبيبة في قائمة المؤشرات وهاكم تصنيفها من قائمة 2018. حصلت السعودية على المركز 192 من عدد 204 دولة في مؤشر المسألة والمشاركة. والغريب أن لبنان وكما نعرف عن وضعها الاقتصادي والسياسي قد حصلت على المركز 138 في القائمة وكذلك حصلت الضفة الغربية وغزة على المركز 161 والأمارات على المركز 168. وحصلت السعودية على المركز 151 من 211 في مؤشر الاستقرار السياسي وغياب الإرهاب وحصلت زامبيا و رواندا على مركز 99 و 100 على التوالي. وأيضاً حصلت السعودية على المركز 75 من في كفاءة الحكومة والمركز 98 في جودة التشريعات و المركز 87 في مؤشر سيادة القانون والمركز 72 في مؤشر السيطرة على الفساد. ستتعجب كثيرا أيها القارئ العزيز عندما تلقي نظرة على قائمة التصنيف الصادرة من البنك الدولي أخرها عام 2019- أنا أشجعك للإطلاع و للإحاطة والعلم.
قبل فترة ليست بقصيرة شاركت بورقة علمية في مؤتمر عالمي عن الحوكمة وشرحت لجميع المشاركين أن السعودية لم تهتم بهذه المؤشرات وإن شاء الله لن تهتم أبداً لأن السعودية لم تطلب قرض من البنك الدولي ولا يعينها هذا الأمر كثيراً. ثم استعرضت للمشاركين في المؤتمر قائمة الانتقادات العملية العلمية من خبراء في مجال الحوكمة عن مدى ركاكة المؤشرات من حيث كثرة نقاط الضعف فيها وغياب الاتساق. ستأتي فرصة قادمة إن شاء الله لمناقشة هذه الركاكة بحصافة علمية.
وتحياتي،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال