الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أخذ “مناهم” الطريق الدائري للمدينة الرئيسية التي تقع قرب منطقة الجبل الحر، وكان عقله لا يتوقف عن التفكير طوال الوقت، فالموازنة التقديرية التي انتقل مناحم بناءً عليها بشركته الناشئة إلى منطقة الجبل، ونقل كل أمواله ومدخراته إلى بنوكها وحصل على جوازها، كانت مبنية على إتاحة السعودية المجال لدخول (اي شيء) حرفياً من الجبل إليها، مراعاة لعوامل غير تجارية.
ولكن كل شيء تغير بعد أن شاهد بأم عينه الشباب السعودي الذين احتكروا الوظائف القيادية بالشركات (السعودية)، ورأى مناحم قوتهم وصلابتهم في الحق وعلم جيداً أن هناك رؤية تدفعهم وحماس من قيادتهم نحو القمة، وتذكر بألم كيف اكتشف هؤلاء الشباب فساد عمليات إعادة التصدير واستبدال ملصقات بلد المنشأ لتصبح (صنع في الجبل)، وتزوير شهادات منشأ ومستندات تثبت زوراً صناعة هذه المنتجات في الجبل ومطابقتها للمواصفات، بينما في الحقيقة هي منتجات رخيصة مصنوعة في دول لا تعرف عن المواصفات شيئاً.
كان مناحم يشاهد وهو يقود سيارته عظمة الحضارة الاسمنتية التي تبدو أمامه في الأفق في واحد من اجمل ال Skylines حول العالم، ولكنه عملياً بالمعيشة وسط كل هذا المنظر والحضارة لن يتمكن من الصرف على أبنائه ومدارسهم ومتطلباتهم التي لا تنتهي في دولته المتوسطية، بدون الفسح السعودي!، ثم عرج مناحم بذاكرته إلى الطفولة عندما كان مع ابوه وجده في احياء بولندا تلك الدولة الأوروبية الجميلة، يعيشون بأقل القليل من المال والطعام، يحلبون البقر، وتملأ عيونهم الابتسامات وهم يرقصون رقصة Polish Folk الشعبية الشهيرة. وكيف كانت النكسة منذ انتقالهم إلى الشرق الأوسط حتى انحدروا إلى هذا الجبل.
“قريباً لن اضطر أن اقابل وجوهكم، ورصيفي الرطب والجاف سيجلب لوطني كل ما يريد دون اعاداتكم وملصقاتكم!!” تذكر “مناهم” هذه الكلمات التي قالها له الشاب السعودي “زيد” والتي تطعن في قلب مناهم بكل حرف من حروفها كلما تذكرها، لقد انتهى حلم الثراء الفلكي، وبدأت عملية البحث عن مخارج لتفادي الإفلاس أو الخروج بسيناريو إفلاس يؤمن له عودة إلى القرية في بولندا!، فنظر إلى ساعته ثم راجعت عيناه للمرة الأخيرة مستندات وبوالص التأمين والتي تتضمن مبلغاً ضخماً يكفل له حياة كريمة في حال خسارة البضائع بحادث عرضي، واكمل “مناهم” طريقه بكل ثقة الى منطقة المستودعات والميناء ونظر بإطمئنان إلى جالون البنزين الأحمر في المقعد المجاور، ثم أرسل رسالة صوتية الى شريكه راشد متحدثاً بلغة شرقية قديمة قائلاً: شالوم، انتهت القصة يا راشد سأنفذ الخطة خلال دقائق.
هذه القصة حتى وان تشابهت مع قصة او قصص اخرى فلا يعني ذلك انها مستمدة من تلك الاحداث.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال