الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اتسآل فضولا متى كانت أول صفقة بيع في تاريخ البشرية؟، الجواب وإن كان ليس ذو أهمية، فالعملية، الأرض مهيئة لأرزاق ومعاش الإنسان قبل أن يُخلق بناء على الإشارات والحقائق العلمية المثبتة، إلا أن حياة الإنسان مرت على عدة تعقيدات في تاريخ الأمم التي شُيّدت ثم بُيّدت، ومع فارق الزمن لتلك الأمم إلا أنهم يشتركون في أسباب مصارعهم وفنائهم فربما الكل يُبيد الكل طمعا في الاستقلال بالمال، فيبقى المال مدفونا تحت الأقدام لا وارث له فالزوال حتمي، ولكن ما هو ذو أهمية أن الدول التي تملك العلم والمعرفة أطول عمر من الدول التي فخرها مجرد المال، بل ذات العلم قد تستعبد التي تمتلك موارد طبيعية مجردة من العلم وتستنزفها إلى أن يأذن الله برحيلها، فالدول التي أسرعت في تحولها من حراستها للمال واعتمدت على حارس العلم فنجدها أكثر إطمئنان واستقرار وغير قلقة، وثمَّ القوة والاقتصاد لها معا، فأرتقت بعقول مواردها البشرية وأزدهرت في مواردها المادية.
وفي التاريخ جاء كيف اجتمع الذهب في خزائن الإمبراطورية البرتغالية المتمددة جغرافيا في عصرها، وذلك من خلال استكشافات الجنرال البرتغالي ماجلان و أمير البحار الادميرال كرستوفر في ممارسة شغفهما بالرحلات البحرية حول العالم، ثم ذكر التاريخ كيف استحوذت شركات بريطانيا العظمى على هذه الأرصدة والخزائن لتقود العالم بالجنيه الاسترليني حقبة من الزمن الى أن تنازلت بالتفاوض السلمي لصالح الدولار الأمريكي الذي تربع في قمة الهرم في قيادة العالم والى يومك وهو ينافح للبقاء، وستصيبه سُنن أيام سالفات الذكر، فكما انكفأت امبراطورية البرتغال وتلاها انكفاء بريطانيا العظمى، فالحياة تحكمها مصالح الأقوياء والقوة تعقبها دائما ضعف فانعدام وزوال.
وبالتأكيد فالآدمية ذات التكوين الأرضي، يقتضي حالها أن تسعى لإشباع رغبات واحتياجات عنصرها الأرضي وعنصرها الروحي معا، في عملية متوازنة ومتوسطة، وإلا فالجزء الأرضي أصبح أكثر مصدر لقلقها وفزعها، فيقضتها تدفعها أن تتحرك في ذات السبيل، فإن كانت ذو توازن، وقع اختيارها على الأزكى في اشباع رغبات جزءها الأرضي، وإن كانت معتلة الروح وقع اختيارها على الأذكى (من الذكاة وليس الذكاء) في اشباع شهواتها.
والانسان مجبول على حب المال وقد يقوده دافع الجشع والطمع الى الفساد، فتجده يكثر التطلع والالتفات إلى ما في يد غيره، لهذا حسم الله هذا التطلع وحتى لا يصبح تطلعا عدوانيا، بإمكانية التبادل عن تراض بينهما حتى لا يفضي الأمر إلى فساد عريض بقوله تعالى (وأحلَّ اللهُ البيع وحرم الربوا) في هذه الآية يتلخص نظام التجارة ونظام حمايتها من الفساد إلى الأبد، وكما أن هذا التطلع والالتفات حالة نفسانية للأفراد، فكذلك ينسحب على الدول بعضها ببعض في اقتصادياتها ومواردها.
فالعلم عقل والمال شهوة، والغلبة لمن تحكم عقله على شهوته، والهزيمة لمن انتصرت شهوته على عقله، وهكذا الغالب من صير العلم يقود المال، والمنهزم من صير المال يقود العلم، وبهذا وإلى هذا تتحدد الوجهتين وتظهر علامات الحالتين، إما حالة القوة وإما حالة الضعف.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال