الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعتبر المال من أهم العناصر والأدوات في حياة البشر لتحقيق الغايات، ومن دون المال ما استطعت أن أكتب مقالي هذا على جهاز كمبيوتر، وما استطاع القارئ قراءته على هاتفه الجوال أو الكمبيوتر المكتبي أو حتى الجريدة الورقية التي تباع بريالين فقط. أما الأمثال التي تدفع البشر إلى كره المال من أمثال “الفلوس وصخ دنيا”، أو “الله يبعدنا عن حب المال”، ما هي إلا مخالفة لطبيعة البشر، فقد قال الله في كتابه العزيز “المال والبنون زينة الحياة الدنيا”، فما قال الله عنه زينة لحياتنا الدنيا لا نستطيع أن نصفه بأنه “وصخ دنيا”، وإذا سمعت أحدهم يقول ذلك فاطلب منه أن يعطيك 10 في المائة مما يملك فقط، لترى ردة فعله التي ستثبت لك أن المال ليس “وصخ دنيا” أبداً. أيضاً، هناك فرق كبير بين حب المال وتسخيره لتحقيق الأهداف الشخصية أو المجتمعية، وبين كنزه وحراسته.
السعي وراء المال ليس عيباً، العيب الحقيقي هو الاكتفاء بمراقبة من يسعى وراء المال وتثبيطه بحجة أنه يحب الدنيا والمال. من هنا ندخل لصلب الموضوع، وهو تكوين الثروة أو بناء الثروة ومفاتيحها، والأوهام التي يتوهم البعض أنها ستكون له ثروة. إذا أردت قياس حجم ثروة أي إنسان، فاسأله سؤالاً واحداً: كم يوما تستطيع العيش دون أن تعمل؟ وكم تصرف في كل يوم؟ ثم اضرب المبلغ في عدد الأيام لتعرف حجم الثروة الحقيقي الذي يتمتع به ذلك الإنسان. الوصول إلى الثراء أمر في متناول الجميع – للطبقة المتوسطة بجميع فئاتها – حتى من يملك الإصرار من الطبقات الدنيا.
تكوين الثراء لا يتم إلا عبر معادلة الأصول والخصوم، لكل منا أصول وخصوم، ومن غلبت خصومه أصوله يخسر، والعكس صحيح، إلى هنا كل شيء منطقي، إلا أن المشكلة تكمن في إيهام الإنسان نفسه بأن الخصوم أصول والعكس صحيح. إن كل ما يدُر أموالاً على المرء هو أصل، وكل ما يستهلك ماله هو خصم. فعندما يكون لديك منزل تسدد قيمته أقساطا، فهذا خصم لك لا أصل لديك؛ لأنك لو استأجرت لدفعت أقل. بطاقتك الائتمانية خصم، عقد “التايم شير” الذي تدفعه كل شهر خصم، قسط السيارة خصم. إذن كيف أشتري بيتا؟ وكيف أشتري سيارة؟ وكيف أسافر لقضاء إجازتي ودخلي لا يكفي؟ هذا السؤال هو العنصر الأساس في الوهم الذي يعيش فيه معظمنا.
تستطيع شراء منزل وسيارة والسفر كل عام، ولكن بشكل أجدى مالياً، وهذا ما يفّرق بين الأغنياء الحقيقيين، وبين من يظنون أنفسهم أغنياء، وبين من يعيشون على رواتبهم، فلن يكفي راتبك لسد رغباتك مهما بلغ؛ لأن رغباتك ستكبر بحجم راتبك. الحل يكمن في تأمين دخل جديد لسد الحاجة الجديدة، فعندما تريد شراء سيارة بالأقساط، عليك جمع مبلغ من المال واستثماره- في صناديق استثمارية مثلاً– وليس بالمضاربة، ليسد عائده الاستثماري مبلغ القسط الشهري، وهكذا لكل أمر. نعم ستعيش تحت ضغط حاجاتك فترة من الزمن ريثما يبدأ العائد بالتدفق، ولكن هذه الفترة والصبر عليها مفتاح الغنى الحقيقي. الأسبوع القادم أتحدث عن الاستثمار الحقيقي.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال