الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عضو معهد التقييم الكندي (AIC)
IbraheemAlsahan@
لا شك بأن من أهم أسباب التطور و التوسع العمراني في المدن المتحضرة، هو توفر وسائل النقل العامة، حيث توفر بنية تحتية مهمة و أساسية للتمدد العمراني الصحي و ليس العشوائي، و لعل من أهم ما ترتكز عليه اقتصاديات التطوير العمراني وفقا لنظرية (Monocentric City) و كيف يمكن أن تؤثر حركة التنقل من تخفيف التركيز على المدن الرئيسية (Decentralization), و ذلك للتنبؤ بمؤشرات قيمة العقار مستقبلا و كذلك التمدد العمراني، و هذه النظرية يمكن أن تُوضح بشكل مبسط بأنها التكلفة و الوقت اللذين يكلفان الفرد للتنقل بين موقع سكنه إلى مقر عمله، و المتوقع لمثل هذه المشاريع التنموية أن تؤدي إلى خفض أسعار العقار السكني لأن أسواقا جديدة ستكون متاحة بسبب كفاءة التنقل، و كذلك ستعزز من أداء العقار التجاري لا سيما في محيط المحطات الرئيسية للقطار.
مسارات النقل العام و التي تشمل القطارات بين المدن و داخل المدن و كذلك مسارات الحافلات المساندة، و التي تقوم الدولة مشكورة بإنشائها حاليا، لا بد و أن تؤثر على التوجهات المستقبلية للسوق العقاري، فستجد كما هو حاصل في كل مدن العالم التي تتوفر بها مسارات و محطات للقطار، أن قيمة الإيجارات حول تلكم المحطات مرتفعة لا سيما لقطاع المعارض التجارية ذات الإطلالة المميزة على المحطة، كما ستجد أن المشاريع النوعية إن كانت موجودة قبل إقرار مسار القطار فسيُسخر المسار للمرور عليها، بينما سيحرص المستثمرون مستقبلا على إنشاء مشاريعهم النوعية بالقرب من تلكم المحطات، كذلك بالنسبة للإستثمار في المجال سكني، فيلاحظ إرتفاع القيمة التأجيرية للوحدات السكنية القريبة من تلكم المحطات، لأنها تمثل طريقا سهلا للدخول لشبكة النقل دون عناء يذكر، و بالتالي يمكن استنتاج أن مع الزيادة المتوقعة للدخل من المشاريع العقارية المحيطة بمحطات النقل العام، فإن قيمة الأراضي التجارية و الإستثمارية من المؤكد أن ترتفع، و ستتغير ملامح السوق العقاري و توجهاته على المدى المتوسط و البعيد، خاصة في المناطق التي تغطيها خدمات النقل العام.
و نظرا لضعف ثقافة استخدام النقل العام في أوساط المجتمع بسبب عدم توفرها بشكل احترافي حاليا، فقد تطول مدة تأثير تشغيل النقل العام على التغير في التوجهات الإستثمارية العقارية، و لكن مع مرور الوقت و على المدى المتوسط و البعيد، ستكون لشبكة النقل العام تأثيرا كبيرا على توجه السوق العقاري، بل و فتح مجالات مستقبلية للتسهيل من فكرة تطوير الضواحي السكنية حول المدن الرئيسية، و التي من شأنها تخفيف الكثافة السكانية على محيط المدينة الرئيسية و التي أدت لشلل كبير في الحركة المرورية و لزيادات كبيرة في أسعار العقار لا سيما في القطاع السكني منه.
و الخلاصة كما ذكرنا في البداية أن التكلفة و الزمن المطلوبين للإنتقال من موقع السكن إلى موقع العمل يعد عاملا أساسيا في احتساب قيمة العقار بالنسبة للفرد و معرفة التوجه المستقبلي لسوق العقار، و بالتالي فإن تقليل هذا الوقت و تيسير التنقل بين ضواحي المدن و أطرافها من و إلى وسط المدينة، و كذلك تزويد تلكم الضواحي بالخدمات الأساسية و تشجيع الإستثمارات بها في شتى المجالات، سيساهم بإذن الله في كبت جماح الإرتفاعات في أسعار العقار السكني، و ذلك لأن مشاريع النقل العام ستوفر فرص جديدة و تفتح أفاقاً لأسواق لم تكن متاحة سابقا بسبب البعد عن الخدمات و المشقة في التنقل، كما ستفتح فرصا جيدة للمستثمر الذكي الذي يجيد استخدام هذه المشاريع لتعزيز محفظته الإستثمارية في قطاع العقار التجاري.
الصحن
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال