الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
wael_mirza@
لا يخفى على المهتمين في علم النفس ارتباط ذلك بالجوانب المالية والاقتصادية في الحياة ، ومن ذلك نشأت جوانب معرفية مثل الاقتصاديات السلوكية Behavioral Finance و المالية السلوكية Behavioral Finance ، والتي تركز على تأثير العوامل النفسية والمعرفية والعاطفية على اتخاذ قرارات اقتصادية من قبل الأفراد والمؤسسات على الاقتصاديات المحلية بما فيها الأسواق الحقيقية وأيضا الأسواق المالية . ولكن الكثير من المهتمين في هذا المجال تناسوا ربط هذه الجوانب المعرفية بالشريعة الاسلامية لأنها صالحة لكل زمان ومكان وفيها من الأدلة ما تغير وجه الاقتصاد لتجعله ماديا ومبنيا في نفس الوقت على قيم إنسانية تصنع الديمومة على وجه الأرض عمرانا وإنسانية ومن هذه القوانين في الشريعة الاسلامية التالي :
*قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ / قانون يغطي حاجة الإنسان في الاقتصاد عن طريق سلسلة تبدأ داخليا بنسيج قوي مع الوالدين والأقربين وتنتهي بالنسيج الأكبر من الجيران والمجتمع وتتعاظم بتقديم الخير لبني الإنسان من المحتاجين . ولو طبقنا هذا القانون في أي اقتصاد لما وجدنا فقيرا أو مسكينا لأن أقربائهم ببساطة قد أمسكوا بزمام الأمور خاصة وأن الكثير منهم مساكين ولا تستطيع وكالة الضمان الاجتماعي حصرهم ومساعدتهم أو حتى تقييم حالتهم المالية بدقة تماما مثلما يفعل معهم ذوات قرباهم ولن تكون حالاتهم في النهاية مرفوضة .
*وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ / قانون يحفز العقلانية في الإنفاق وبالتالي سيتبقى فائض لدى المستهلك ليكون مصدرا مهما للادخار والرفاهية في المستقبل مع حياة جميلة ومقنعة في وضعه الحالي ، لأن الآية ذكرت (وكلوا واشربوا) أي بعقلانية وحسب الحاجة ولم تقل لا تأكلوا ولا تشربوا ، وأيضا فهي طريقة لتوزيع ثروات الدخل بين التجار بحيث تتكون اقتصاديات حسب حاجة المستهلك وتمنع الهدر في الاقتصاد ومن ذلك الغذاء ولذلك لن ترمى نعم الله في أماكن النفايات لا سمح الله بل سيستفيد منها آخرون من فوائض هذه النعم . ولعلي أشيد بمشروع إطعام الوطني في هذا المقام والذي يوفر هذه الأطعمة نظيفة ومحفوظة بطريقة جيدة للمحتاجين لها وخصوصا من فوائض قاعات الأفراح أو المطاعم أو الفنادق .
*ونهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن بيع الغرر / الغرر له تأثير بالغ في الإجحاف بحق المستهلك بمعرفة البضاعة المباعة عليه ، ولها أبواب تشمل تضليل المساهمين في سوق الأسهم من قبل المضاربين الذين يتلاعبون بأسعار الأسهم إيهاما للمستثمرين الآخرين بصعود الأسهم أو هبوطها ، مما ينعكس عليه فقدان الكثير من المستثمرين جزءا من ثرواتهم وأموالهم من أجل مصالح فردية لأشخاص ضد الآخرين . وعليه فإن صفقات الشراء والبيع الشفافة والحقيقية تحافظ على نمو الأسهم الجيدة وتضعف موقف الأسهم الضعيفة ، وبذلك تبنى الثروات بمنطقية وتتعزز بأرباح حقيقية من لدن الاقتصاد الحقيقي .
*ومن غشنا فليس منا / الغش كارثة وطنية لأنها تضلل المستهلك من جهة وتغبن الشركات المصدرة الأم بتقليد بضاعتها وبالتالي وضع علامة تجارية مضللة ، ولذلك يخسر المستهلك في النهاية قيمة المال الذي أنفقه بهلاك البضاعة أو بتسببها بآثار صحية أو مالية جسيمة أو المعاناة حتى بصيانة تلك البضاعة التي كلفت أضعاف سعر البضاعة الأصلية . ولعلك أخي القارئ تلحظ كم من الكميات المضبوطة عن طريق مصلحة الجمارك السعودية في 2014 بحوالي 109 مليون وحدة بقيمة 858 مليون ريال ، وهي أموال كان الأولى أن تكون ذات جودة ليتم بيعها وشراؤها ضمن الاقتصاد المحلي .
إذا فالمعنويات والقناعات وسلوكيات الأفراد تشارك في رسم الصورة الكبرى عن الاقتصاد المحلي ، وحبذا لو تم تحسينها ضمن الأطر الشرعية لتحقق اقتصادا متزنا يخدم جميع أطراف المعادلة الاقتصادية ويحقق الرخاء والاستقرار للأسواق المالية .
مرزا
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال