الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يُعرف التفويض الإداري بشكل عام بأنه تفويض المهام والصلاحيات أو بعضها من قِبل الرئيس إلى المرؤوسين المؤهلين وذلك لفترة محددة، ودون أن يتخلى الرئيس عن المسؤولية أو النتائج المترتبة على هذه العملية.
ويعتبر التفويض الإداري من صلاحيات المدراء ومن في حكمهم، كما أن المهام المفوضة إلى المرؤوسين تختلف أهميتها باختلاف المستوى التنظيمي للمفوض والمفوض إليه، فالتفويض الإداري يمكن أن يُمارس على مستوى الإدارة العليا والإدارة المتوسطة والإدارة التنفيذية.
تبرز أهمية التفويض الإداري في وقت انشغال المدير بمهام أخرى فبالرغم من خبرته العميقة فإنه لن يستطيع أن يؤدي جميع مهامه الوظيفية والمهام الجديدة التي قد تطرأ عليه حتى وإن كان يملك قدرات ومهارات إدارية عالية، وغالباً مايكون عامل الوقت هو السبب الرئيسي للتفويض.
ومما لاشك فيه أن كثيراً من المدراء قد يترددون في تفويض مهامهم الوظيفية للمرؤوسين لأسباب مختلفة ومنها تمسك المدير بالسلطة وخوفه من فقدانها، أو عدم ثقته الكافية بالمرؤرسين، وهناك دور العامل النفسي الذي قد يولد لدى المفوّض بعد التفويض شعوراً بفقدان أهميته، أو قد يتردد بعض المدراء بتطبيق التفويض بسبب الخوف من المنافسة، أو ان يكون هولاء المدراء قد انتهجوا منذ البداية منهج المركزية في العمل كسياسة أبدية.
إن التفويض الإداري لا يعني التخلي عن المسؤولية بأي شكل من الأشكال، فالمُفوض يعتبر المسئول الأول والأخير عن المهمة التي فوضها للمرؤوس.
إن الهدف المرجو من التفويض هو تخفيف عبء الأعمال الإدارية الواقعة على عاتق المدير في الوقت الذي سيتفرغ هو للقيام بعمليات إدارية أخرى هامه، وبالتالي تسمح هذه الفرصة المقننة للموظفين المُوفوض إليهم بالمهام أن يطوروا من مهاراتهم، وأن يتمكنوا من إثبات وجودهم كما يعطيهم هذا الإجراء ثقة عالية بقدراتهم الإدارية، ويعتبر التفويض نوعاً من التدريب الإداري فهو يعمل على صقل المهارات وإعطاء مساحة لنشوء خبرات جديدة تتولد من خلال تجربة التفويض، كما أن التفويض قد يجعل المدير يكتشف قدرات موظفيه المختبأة تحت ركود المهام اليومية المناط بها إليهم في المنظمة.
ولكن مانراه اليوم أن التفويض وإن طبق فإنه في الواقع لايطبق بالشكل الصحيح بل أنه غالباً مايأخذ شكلاً سلبياً لايعود على المنظمة بنفع، ففي منظمة قررت تطبيق التفويض الإداري قد يفوض بعض مدرائها مهامهم الصعبة أو المعقدة أو التي ليس لها حل للمرؤوسين، وقد يلجأ البعض الآخر إلى التفويض كخطة لإشغال الموظفين فقط، فيما يستخدم آخرون التفويض كوسيلة للتخلص من العمل وللتفرغ لأمورهم الخاصة.
وفي منظمة أخرى قد يقوم المدير بتفويض مهامه لأحد أقربائه في العمل، أو لموظف لاقى استحساناً عنده دوناً عن بقية الموظفين، دون الأخذ بالاعتبار امتلاك هولاء الأشخاص القدرة على أداء المهمة المفوضة إليهم، وقد يكون هذا التفويض الشخصي الغير مقبول إدارياً دائم، مما يخلق شعوراً بالظلم لدى الموظفين المؤهلين للتفويض والذين يتم تجاهلهم في كل مرة عن عمد!!
إن هذه الأشكال الآنف ذكرها من التفويض الإداري في المنظمات تسمى بالتفويض السلبي.
ومن أوجه التفويض السلبي أيضاً تقليص حجم الصلاحيات لحد الإنعدام، مما يقيد حركة وابتكار المفوض إليه داخل المهمة، إن هذا النوع من التفويض يعسر سير عملية التفويض ويلغي النتائج المرجوة من تطوير الموظف المفوض إليه والاستفاده من خبراته.
وقد تصطدم تدخلات المفوّض مع طريقة المفوض إليه في انجاز المهمة، فبعض المدراء يرغبون بتفويض المهمة ولكنهم يصنعون من المفوض إليه نسخةً أخرى منهم دون أي اعتبار لشكل وطريقة المفوض إليه (الموظف المرؤوس) في أداء المهمة والتي قد تفوق طريقة المفوّض (المدير) خبرةً وسرعة بحكم قلة المهام الموكلة إليه فعلياً قبل التفويض فتجده يصب اهتمامه ويجتهد في أداء مافوّض إليه على أكمل وجه.
ولتجنب مساويء التفويض الإداري السلبي يجب على المدير (المفوّض) أن يختار الموظف الكفء القادر على أداء المهمة من الجهتين العلمية والعملية، وأن يعمل على تدوير المهمة المفوضة بين موظفيه المؤهلين، كما يجب عليه أن يقدم شرحاً وافياً للمهمة الموكله للمفوض إليه مع توضيح خط بدء الصلاحيات وخط نهايتها، ويجب على المفوّض أيضاً النظر من بعيد لطريقة سير العمل وإسداء النصح والإجابة على كل تساؤلات المفوّض إليه دون التدخل بطريقة آدائه مادامت النتائج مرضية.
وفي النهاية لاننسى أن من أهم مقومات نجاح التفويض الإداري هو شكر الموظف المفوض إليه والثناء عليه، وتقديم الحوافز له بعد كل عملية منجزة من التفويض، كما أنه يجب على المفوّض التحلي بالحكمة بشأن التفويض الإداري وعدم الإنحياز لموظف دون آخر، وأن يعمل مااستطاع على تدوير المهمة المفوضة على جميع الموظفين المؤهلين في كافة قطاعات منظمته دون الإصرار على شخص بعينه، إن هذه السياسة التفاعلية ستنشيء بيئة عمل مطورة وخالية من المشاحنات الواقعة في نفس المستوى الإداري، وستعمل هذه البيئة المطورة في وقتٍ لاحق بشجاعة وقوة على سد ثغرات غياب المدير الإضطراري عن تلك المهمة ودون الخوف من الخطأ، وأيضاً دون الخوف في المستقبل من تكرار التجربة.
الرويلي
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال