الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الاستطلاع الذي أجرته هيئة مكافحة الفساد كشف عن استعداد ٤٤.٩% من موظفي الدولة للتصدي للفساد والتعاون مع الهيئة بالإبلاغ عما يكتشفونه من فساد في الدوائر التي يعملون بها.
والمأمول أن تضع هيئة مكافحة الفساد هذا الاستفتاء في دائرة ما تتسم به الاستفتاءات من مخاتلات ومغالطات لا تصبح معها لنتائجها مصداقية يعول عليها، ذلك أن الإجابة على استبانة وأسئلة تطرح على الورق أمر أكثر يسرا وسهولة من التطبيق على أرض الواقع كما أن الإجابة على الورق تتيح فرصة لرغبة كامنة يحول دون تحقيقها الظروف والملابسات والمصالح والتخوفات التي لا تحقق الشجاعة على الورق إمكانية تجاوزها والتغلب عليها.
ولعل ما يتناقض مع نتائج هذا الاستفتاء تلك القضايا التي تباشر التحقيق فيها هيئة مكافحة الفساد والتي قادت إليها شكاوى المواطنين وبلاغاتهم ولم تقد إليها بلاغات العاملين في الجهات التي يتم التحقيق معها.
كما أن حجم قضايا الفساد في كثير من الدوائر والمؤسسات الحكومية يتناقض مع ما انتهى إليه الاستفتاء من أن ما يقارب نصف عدد الموظفين الحكوميين مستعدون للإبلاغ عن الفساد، ذلك أن وجود هذه النسبة العالية من المستعدين للتعاون مع هيئة مكافحة الفساد ما كان سيتيح لكل أوجه الفساد أن تتراكم في هذا الجهاز أو ذاك حتى بات القضاء عليها يتطلب جهدا جهيدا إن لم يكن عملا مستحيلا.
الاستفتاء الذي كشف عن استعداد ٤٤.٩% من الموظفين للتعاون مع مكافحة الفساد كشف في الوقت نفسه عن أن ١٧.٦% من الموظفين اعترفوا بتجاهلهم للإبلاغ عن أي فساد يشهدونه، وهؤلاء وإن كانوا مثيرين للأسف إلا أنهم أكثر صدقا من أولئك الذين لا يبرهن الواقع على جديتهم فيما تحدثوا عنه.
محصلة ذلك كله أن على الهيئة ألا تعول كثيرا على موظفي الأجهزة الحكومية في الكشف عن فساد الدوائر التي يعملون بها وأن تصغي جيدا لأصوات المواطنين فهم وحدهم من يكشفون عن خلل المشاريع التي تقدم لها والتي يشهد كل خلل فيها على أن ثمة فسادا ماليا أو إداريا يكمن خلفه.
نقلا عن عكاظ
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال