الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إحدى ظواهر العصر الحديث أن هناك هجرات متبادلة بين الدول والقارات لأسباب كثيرة. تتعدد الأسباب وتتغير الظروف الموضوعية ولكن الظاهرة دائما موجودة تزيد وتنقص عادة لأسباب اقتصادية. تزايد السكان وانفتاح السعوديين على الخارج والبعثات أدى إلى تواجد كثير منهم في الخارج. على الرغم من أن المملكة محطة لكثير من المغتربين وكذلك ليس هناك أعداد كبيرة منهم مقيمين في الخارج، إلا أنها في تزايد. أهمية الظاهرة مستقبليا جديرة بالاهتمام. ليس لدي إحصائية ولا أعرف من مصدر موثق أعدادهم. ولكن علينا طرق كل ناحية تخدم الوطن مستقبلا. توطيد العلاقة مع المغتربين لأسباب اقتصادية وبشرية أكثر منها مالية. للمملكة تجربة إيجابية مع المغتربين السعوديين، ففي فترة سابقة كان هناك مغتربون سعوديون في دول كثيرة منها العراق والهند والشام وقد استفادت المملكة كثيرا من خبرة وتجربة هؤلاء في نقل المعرفة والتجربة التجارية والعلمية والعلاقات الناعمة مع المجتمعات الأخرى.
فوائد العلاقة مع المغتربين كثيرة ولعلها أحد مصادر القوة لكثير من الدول، فمثلا استفادت الهند من المغتربين في أمريكا في تأسيس صناعة البرمجيات وكذلك الكوريون الذين عملوا في الشركات الأمريكية الكبرى استطاعوا نقل التقنية إلى كوريا واستفادت البرازيل من المهاجرين الألمان في نقل الصناعة الثقيلة وصناعة الأدوات وحتى تلك التي وصلت البرازيل بعد تطور الصناعة في البلد الأم استطاع المغتربون تعظيم الاستفادة بسبب العلاقات التي سهلت نقل المعرفة. لكثير من الدول مصلحة مالية مباشرة إذ إن التحويلات العالمية تبلغ 500 بليون دولار سنويا تشكل التحويلات من المملكة نحو 7.5 في المائة منها. تشكل التحويلات مصدرا مهما لبعض الدول، فالأردن ومصر واليمن وكوبا ولبنان واليمن والفلبين والهند تشكل التحويلات جزءا مؤثرا من الدخل القومي وأحيانا أكثر من الصادرات أو السياحة. قد لا تكون المملكة في حاجة إلى أموال هؤلاء ولكنها في حاجة أكبر بكثير إلى معارفهم وشبكة علاقاتهم. في عالم اليوم المعرفة والعلاقات الناعمة أحد مصادر القوة الاقتصادية ولذلك لابد من تفكير مختلف.
ما الحل؟
هناك سعوديون في مراكز مهنية وعلمية وأكاديمية، فمثلا هناك نحو 100 طبيب في كندا وهناك مهندسون يعملون مع شركات عالمية نحن في أمس الحاجة إلى خبراتهم. تواجد هؤلاء يخدمنا إذا استطعنا فتح قنوات اتصال معهم، بل إن حتى تشجيع البعض للإقامة في الخارج لفترات معتبرة مع شركات ومراكز علمية موثقة قد يكون مصدرا للمعرفة والمهنية. عادة ما ينقصنا التفكير البعيد ولذلك علينا تجاوز المرحلة والتفكير خارج الصندوق ولو لمرات قليلة. تواجد وزير خارجية جديد له تجربة في حياة الاغتراب قد تكون بادرة تغيير. أقترح أن تقوم الخارجية بتأسيس قسم خاص للاهتمام بالمغتربين وتكون البداية تأسيس قاعدة معلومات والتواصل معهم ومساعدتهم لكي لا نفقد التواصل معهم. التفكير البعيد يتطلب خطوات عملية دقيقة ومبكرة ومتواصلة. فهل نحن على قدر التحدي؟
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال