3666 144 055
[email protected]
صدر تقرير لصندوق النقد الدولي عن نتائج المشاورات عن الاقتصاد السعودي، ويأتي هذا التقرير في إطار الاجتماعات بين ممثلي صندوق النقد وممثلين من المملكة. والمتأمل لهذا التقرير يجد جوانب إيجابية متعلقة بالاقتصاد المحلي مع التركيز على وجود تحديات ركز فيها التقرير على تحديين هما انخفاض أسعار النفط والتحدي الآخر هو التقلبات السياسية الإقليمية، وهذا ما يمثل تحديا في المستقبل القريب على الاقتصاد المحلي.
هذا التقرير تناوله البعض مقتطفا بعض النتائج، حيث ركزوا على بعض المسائل منه، منها انخفاض أسعار النفط وأن ذلك تهديد للاقتصاد بصورة عامة، ومن الأمور التي ركز عليها البعض مسألة أجور الموظفين بالقطاع العام حتى أنهم نسبوا له أنه يدعو إلى خفض أجور الموظفين بالقطاع العام، وهذا نوع من المغالطة، إذ إن التقرير تحدث عن ضبط مسألة الأجور في القطاع العام، ولعل سبب ذلك ما أشار إليه التقرير من أهمية تشجيع التوظيف بالقطاع الخاص، وأن يتم تشجيع القطاعات المنتجة.
ركز البعض على التقرير في بعض جوانبه من أجل موضوعات خاصة بعينها مرتبطة بالاقتصاد الوطني لكن ينبغي ألا ترتبط جميع قضايا الاقتصاد بها وذلك مثل ما يتعلق بالرسوم على الأراضي البيضاء، وأزمة ارتفاع أسعار الأراضي رغم أهمية القضية للمواطن.
التقرير أبرز مسألة قوة الاقتصاد الوطني وأنه من الأكثر نموا بين مجموعة العشرين نظرا لتحسن أسعار النفط خلال الفترة الماضية، كما أبرز قدرة المصارف السعودية على تجاوز أزمة انخفاض أسعار النفط، وذكر التقرير أن الاقتصاد يمكن أن يسجل عجزا خلال عام 2015 يصل إلى 19.5 في المائة على أن يعود ليحقق فائضا في الفترة بين 2016 – 2020، وذكر التقرير مسألة إيجابية تهم المواطن وهي ما يتعلق بموضوع التضخم، حيث يتوقع التقرير أن يستمر في مستوياته الدنيا، كما أشار التقرير إلى مسألة ارتفاع البطالة وأهمية معالجتها مع الزيادة الكبيرة في عدد السكان ممن هم في سن العمل، وأشار إلى تواصل التركيز الحكومي على الإصلاحات التي تستهدف زيادة التوظيف في القطاع الخاص، والتنوع الاقتصادي الذي يخفف من الاعتماد على النفط وتنوع مصادر الدخل.
لا شك أن انخفاض أسعار النفط يمثل تحديا على الاقتصاد المحلي، ومن الطبيعي أن الاعتماد بصورة كبيرة على مصادر محدودة للدخل يعتبر مخاطرة، لأن الناتج المحلي سيكون مرتهنا بذلك، لكن رغم ذلك فإنه من الخطأ إشاعة النظرة بصورة سوداوية للاقتصاد، وكأننا في مرحلة الحديث عن وضع اقتصادي صعب جدا.
قبل عقد من الزمن عندما بلغت الميزانية الحكومية أكثر من 300 مليار كنا نتحدث عن إنجاز كبير حينها ونمو في حجم الإيرادات، وانتظار لعودة طفرة في الإنفاق وإتمام المشاريع التي تهم المواطن، واليوم ونحن نتحدث عن العجز في الميزانية فإن الإيرادات المتوقعة أكثر بكثير من تلك الميزانية، فما الذي تغير؟
لا شك أن الفترة الماضية شهدت مشاريع استثنائية على مستوى البنية التحتية والمشاريع التنموية والاستثمار في العنصر البشري، وهذا الإنفاق يفترض أن يعود بصورة إيجابية على الاقتصاد، وكما أشار التقرير أيضا إلى ذلك، حيث إنه ذكر أن جزءا من الإنفاق كان على مشاريع محددة وقد قاربت على الانتهاء؛ لذلك تحدث التقرير عن توقعه لعودة الفائض خلال الأعوام المقبلة.
من المهم أن نعرف أن الاقتصاد الوطني لديه مجموعة من الأدوات لإدارة الأمور في حال أصبحت الأمور في وضع أكثر صعوبة، إذ ما زال الدين في حدوده الدنيا عالميا وتاريخيا للمملكة بواقع 1.6 في المائة من الناتج المحلي، وقد بدأت وزارة المالية بإصدار سندات التنمية الحكومية، كما أن من الخيارات الترشيد في الدعم الحكومي سواء للطاقة أو السلع خصوصا مع انخفاض حدة التضخم، كما أن المملكة ما زالت لم تفعل نظاما ضريبيا يعزز من كفاءة الاقتصاد.
ما زالت هناك إمكانات لتعظيم الناتج المحلي خصوصا للقطاع الخاص من خلال الاستمرار في إصلاح سوق العمل، وزيادة فرص الأفراد لإنشاء تجارتهم وأعمالهم الشخصية، إضافة إلى التنوع في مصادر الدخل ولا يتم التركيز فقط على القطاع الصناعي، بل إن القطاع السياحي يمكن أن يحقق موارد جيدة للاقتصاد خصوصا أن المملكة يمكن أن تكون وجهة مميزة للسياحة مقارنة بالخيارات الأخرى.
فالخلاصة أن تقرير صندوق النقد الدولي يمكن أن يوصف بأنه إيجابي في تحليله للاقتصاد الوطني، مع الإشارة إلى بعض التحديات والمشكلات في الاقتصاد التي تركز على انخفاض أسعار النفط والتقلبات السياسية في المنطقة، أما فيما يتعلق بالمشكلات الموجودة مثل التنوع في مصادر الدخل والبطالة وتشجيع زيادة فرص التوظيف في القطاع الخاص، وترشيد الإنفاق على القطاع الحكومي، إلا أن العجز ما زال محدودا وأن الإنفاق في الفترة الماضية ركز على مشاريع شارف جزء كبير منها على الانتهاء، ما يعزز العودة إلى تحقيق الفوائض في الفترة القادمة – بإذن الله – ولذلك من الخطأ إشاعة النظرة السلبية للاقتصاد.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734