الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يتكوَّن الأساس الإداري لشركة المساهمة من مبدأٍ فكريٍّ مُحدَّد، وهو فصل الملكية عن الإدارة من جهةٍ، وفصل الإدارة المستقلَّة عن التنفيذية من جهةٍ أخرى.
وفيما يخصُّ الملكية، يكون لكلِّ مساهمٍ الحقَّ بممارسة صلاحياته من خلال الجمعية العامة فقط، وهكذا ينحصر حقُّ المساهم في الرقابة اللاحقة على قرارات الإدارة العليا في الشركة.
أمَّا بخصوص مجلس الإدارة؛ فهو الجهة الإدارية العليا في الشركة، والمسؤولة عن تسيير نشاط الشركة والرقابة على أعمالها بشكلٍ سابقٍ أو لاحقٍ على إجراء التصرُّفات والأعمال، وذلك برئاسة رئيس مجلس الإدارة الذي يُفتَرَض فيه الابتعاد التام عن الشبهة التنفيذية (م/81-1 نظام الشركات)؛ خوفاً على الشركة من تعارض المصالح.
في حين يكون العمل الحقيقي على أرض الواقع من نصيب الرئيس التنفيذي وباقي الكادر الإداري “التنفيذي”.
وهكذا يتشكَّل بالتالي حجابٌ يفصل بين طبقتَيْن من الإدارة العليا؛
بناءً عليه، فإنَّ إدارة شركة المساهمة هي بالأساس مناطةٌ بالأعضاء المستقلِّين غير التنفيذيِّين بزعامة رئيس مجلس الإدارة مع إمكانية وجود بعض الأعضاء التنفيذيِّين بزعامة الرئيس التنفيذي.
وبهذا المَنطِق، يُفتَرَض أن يُمثِّل رئيس مجلس الإدارة السلطة الإدارية العليا في الشركة؛ بحيث يخضع الرئيس التنفيذي لقراراته وتوجيهاته.
ومن هنا، نجد أنَّ أهمَّ سلطات رئيس المجلس في لائحة حوكمة الشركات المُدرَجَة الصادرة عن هيئة السوق المالية السعودية، كالتالي:
وهكذا، يكون على رئيس المجلس أن ينشر ثقافة الحوار والنقد بغرض استنتاج الحلول؛ الأمر الذي يضع الإدارة التنفيذية برئاسة الرئيس التنفيذي تحت السلطة النقدية لأعضاء المجلس المستقلِّين.
لكن، وعلى الرغم من كلِّ هذه الأدلة التنظيمية التي يُفترض أن تكفل لرئيس مجلس الإدارة صفة التفوُّق على أية سلطةٍ يملكها الرئيس التنفيذي، إلاَّ أنَّ لائحة الحوكمة قد أتاحتْ لهذا الرئيس الكثير من الصلاحيات العميقة والمؤثِّرة في مسيرة الشركة.
فعلى سبيل المثال، إذا قام رئيس مجلس الإدارة بإصدار قرارٍ يتمثَّل بتخفيض عدد العاملين في الشركة حتى يتمَّ تغطية العجز التي تَتَسبَّب بها ميزانية الرواتب في ظلِّ أزمة كورونا.
فهنا يملك للرئيس التنفيذي مجموعةً من الصلاحيات وفق لائحة الحوكمة، أهمُّها:
بهذه الطريقة، يمكن للرئيس التنفيذي أن يُنفِّذ قرار رئيس مجلس الإدارة بتخفيض عدد العاملين وفق هامش تقديرٍ واسعٍ للرئيس التنفيذي؛ الأمر الذي يمكن أن يُفْرِغَ القرار من مضمونه.
فيمكن للرئيس التنفيذي مثلاً أن يَستَهدِف بعض القطاعات دون غيرها بتخفيض عدد العاملين، ليس لعدم حاجة الشركة إليها؛ بل لأنَّ هذه القطاعات تحتوي على موظَّفين لا يتجاوبون مع الرئيس التنفيذي أو لا يُقدِّمون له مَصَالِحَاً شخصيةً مُعيَّنةً.
ففي ظلِّ هذا الاحتمال الذي يضرُّ بحوكمة تنفيذ قرارات الإدارة، كيف واجهتْ لائحة الحوكمة إمكانية تَمَادِي الرئيس التنفيذي بتنفيذ القرارات؟
جاءت لائحة الحكومة بالإجراءات التالية للإشراف على الإدارة التنفيذية بشكلٍ عامٍّ، أهمُّها:
بناءً عليه، فلا تكمن مواجهة الرئيس التنفيذي في تسلُّطه على الشركة من خلال الرقابة والمراجعة التقليدية خلال تنفيذ قرارات مجلس الإدارة، فهذا أشبه بسياسة رقابةٍ مشلولةٍ من مجلس الإدارة، وهو ما يجعل رئيس المجلس مُجرَّد منصبٍ إداريٍّ فارغٍ من سلطه الفعلية.
وهكذا، سيَهَابُ الجميع الرئيس التنفيذي، ويَخشُون تسلُّطه عليهم خارج إطار مصلحة الشركة، وستَضعُفُ قدرة رئيس مجلس الإدارة على اكتشاف مخالفات الرئيس التنفيذي أو حتى إضعاف نفوذه الذي قد يَتَنَامَى في الشركة مع الوقت.
والحلُّ يكمن في أنَّ مجلس الإدارة يجب أن يُفَعِّلَ سلطة رقابته السابقة واللاحقة لتنفيذ قراراته ليس بالشكل التقليدي الفارغ من المضمون الواقعي، بل عبر القيام بجولاتٍ تفتيشٍ ميدانيةٍ مفاجئةٍ، والاستعانة بالخبرات المُستقلَّة عن كادر الشركة، وهذا ما سيُحيط الرئيس التنفيذي بهالةٍ من الرقابة العميقة على أعماله ومصالِحِه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال