3666 144 055
[email protected]
وجاءت هذه التوقعات الفضفاضة ضمن تقرير صحفي نشر على 8 أعمدة (صفحة كاملة) في إحدى الصحف المحلية في الأسبوع الماضي بعد أن وضع هؤلاء الخبراء والاقتصاديون وصفة ستنهي أزمة الإسكان في غضون ست سنوات كما ذكروا!!
لا أعترض على هذا السيل الجارف من هذه التقارير التي تملأ الساحة حاليا والتي حلت مشكلة الإسكان قبل صدور القرار وعملية تطبيق الرسوم لكن ما أود قوله إننا للأسف لا نتعلم من التجارب المريرة ولا نزال نفكر بنفس المنطق القديم الذي يقوم على أدوات إنشائية مدججة بأرقام فلكية تأخذنا فيها العاطفة أكثر من اللازم وهي ثقافة انجرار الكل وراء القلة وبالاعتماد على ذاكرة الناس المثقوبة ناسين أو متناسين أن ليس كل ما هو ممكن هو أمر قابل للتطبيق عمليا وإلا لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه في قطاع الإسكان وغيره.
كاقتصاديين كبار لا أعرف كيف تطرحون مثل هذه الأرقام أمام الناس وأنتم تعلمون بأن لدينا أموالا هائلة مكدسة في البنوك تعادل أضعاف هذا المبلغ لو كانت المسألة مسألة مال، فما الذي يمنع مثلا من تمويل برامج الإسكان من هذه الودائع إذا علمنا بأن نسبة التمويل في بريطانيا تصل إلى 76% وأمريكا 80% (من الناتج المحلي) في الوقت الذي لا تتجاوز نظيره في المملكة 5% فقط.
ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن هذه التوقعات المثيرة للجدل تذكرني بتصريح شهير جاء في عنوان عريض وعلى 8 أعمدة أيضا في إحدى الصحف في 20/4/1434هـ كان يشير بالبنط الكبير إلى أنه «لن يبقى في المملكة مستأجر واحد خلال عشر سنوات» وذلك بعد أن راجت فكرة أنظمة التمويل العقاري آنذاك كما هو حاصل حاليا مع رسوم الأراضي في حين نجد بأن هؤلاء المستأجرين يزيدون ولا ينقصون منذ ذلك الوقت!!
ولكي لا ننسى فقط، فلعلكم تذكرون مؤتمر «يوروموني» المنعقد في 28/12/1427هـ بالرياض وكان شعاره آنذاك «مسكن لكل مواطن.. تحويل الحلم إلى حقيقة» والذي تبارى فيه الوزراء وكبار الاقتصاديين على منصة الخطابة مؤكدين بما لا يدع مجالا للشك اقتراب تحول الحلم إلى حقيقة في «منزل لكل مواطن» وذلك على خلفية صدور أنظمة الرهن العقاري والتي ظلت في ذلك الوقت ملهمة لقريحة الحكوميين والعقاريين على مدى سنوات، إلى أن تبخر هذا الحلم فجأة وماتت هذه الأنظمة في مهدها.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734