الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تتنوع الوسائل وتتعدد السبل التي يبحث فيها الانسان عن كسب المال مهما اختلفت تلك المصادر الا ان الهدف الاول هو البحث عن الثراء، ولئن اختلفت متطلبات وموارد الأفراد بين المقبل على الحياة والمتزهد، يغلب عليها ذلك الشعور القوي بالرغبة في تحقيق الثروة.
فهناك من رأى في إنشاء مشروع خاص به سبيلا لرغد الحياة، وهناك من اختار الاستثمار في العقار إيمانا منه بأنه (الإبن البار)، وهناك من تستهويه المغامرة فيركب موجة الإقدام والجسارة، ويتجه إلى الاستثمار في الأسواق المالية، وبالحديث عن الأسواق المالية فمن المعروف أن مكاسبها كبيرة وسريعة وخسائرها كبيرة وسريعة أيضا، ومن هذا المبدأ هنالك محاولة لفهم سلوكيات التداول في الأسهم، وهل الاستثمار في الأسواق المالية عنوان للثراء أم مشروع إفلاس مع وقف التنفيذ!!.
الإستثمار في الأسواق المالية ليس مجرد شراء أسهم وبيعها حسب الرغبة وإنما يكون حسب خطط موضوعة مسبقا تبين للمستثمر مناطق العرض والطلب، بالرغم من ذلك الا أن البعض يراه الاستثمار السهل .
هنا نجد أن شريحة صغار المساهمين هي الشريحة المتضررة أكثر من انخفاض السوق، حيث يغلب على سلوكهم الاستثماري طابع التأثر بالمعطيات الاقتصادية.
فيتجهون إلى الشراء إذا ما رأوا المحافظ الاستثمارية تتجه للشراء، ويقومون بالبيع إن كان السوق يتجه للانخفاض. وهنا يكون العامل النفسي هو من يؤثر على سلوك المساهمين مما يعرضهم لتكبد الخسائر،
و التروي في إتخاذ قرار الاستثمار عنصر هام يمكن المساهمين من المحافظة على مكاسبهم.
بالنظر أكثر الى حديثنا نجد أن الحلم بالثروة يجب أن يكون واقعيا حيث لا يمكن تحقيق ذلك من خلال اختيارات عشوائية، بل إن الاستثمار في الأسواق المالية يجب أن يتم وفق دراسة فنية ومالية للسوق.
لذلك نؤكد ضرورة وجود مصادر الخبرة التي تقدم المشورة والنصح، وتضع أولويات الاستثمار في الشركات التي تكون نسب المخاطر فيها قليلة، إضافة إلى العائد على السهم.
البحث عن الثراء لا يمكن تحقيقه من مصادار معلومات ومعرفات مجهوله أو من توصيات تعج جميع المنصات أو من حديث المجالس ، بل بالبحث والقراءه والاطلاع وتدقيق البيانات المالية للشركات المدرجة، ومتابعة الملاءة المالية ونسب دوران السيولة، وهذه كلها مؤشرات واضحة ودقيقة وعلمية تعطي فرصا أكبر للربح وتقلص من هامش الخسارة إن وجد.
ونشير إلى أن الأسواق المالية العالمية مترابطة بعضها ببعض، لذلك فإن التداعيات الاقتصادية والأحداث الجيوسياسية تلقي بظلالها على آليات عمل أسواق المال، فعلى سبيل المثال يتمتع سوق الأسهم السعودي بأداء مالي قوي للشركات المدرجة، ورغم ذلك فإن ما يحدث في الأسواق المالية العالمية ينعكس بشكل مباشر على الأداء، وبالتالي يكون صغار المستثمرين الأكثر عرضة للخسارة، نظرا لفقدانهم الخبرة اللازمة في كيفية التعامل مع المتغيرات الاقتصادية، كما تحدث مبيعات الأجانب أو مشترياتهم حالة من عدم الاستقرار خاصة عند المبالغة في الشراء على عدد من الأسهم، مما يرفع الأسعار إلى مستويات غير عادلة في إطار عمليات مضاربة قوية، وكذلك عند الاتجاه بقوة نحو البيع.
السوق المالية السعودية التي تعتبر الأولى عربيا من حيث القيمة السوقية، وكذلك الشركات المتداولة التي تحقق معدلات نمو قياسية سنويا، ورغم كل هذه الإيجابيات فإن الاستثمار في الأسهم لا يخلو من المخاطر خاصة على صغار المستثمرين الذين يخطفهم وميض الثراء الحالم، فيجعلهم يترنحون مثل أعمدة الدخان الثمل، وذلك ما يدفع أحلامهم إلى تتكسر على حجر بحري إذا لم تكن أحلاما واقعية قائمة على دراسة السوق وتتخذ مسافة من الرغبة في الثراء ومقتضيات السوق الذي يخضع لاشتراطات كثيرة أهمها ما يحصل في الاقتصاد الكلي خاصة في الدول الصناعية الكبرى.
وهو ما يدفع إلى القول إلى أن الثروة والخسارة خطان متوازنان يسيران جنبا إلى جنب لا يفصلهما سوى متغيرات اقتصادية موجبة أو سالبة هي من تحدد اسم الرابح والخاسر.
تبقى عقلنة الاستثمار أحد الشروط الأساسية لضمان نمو المدخرات المالية بشكل تراكمي وتجنب خاصة صغار المستثمرين خطر التعرض إلى تبخر أرصدتهم المالية.
وقد يؤدي ذلك إلى تعرض المستثمر إلى مشاكل صحية إذا ما تعرض للخسارة، خاصة وأن صغار المستثمرين يفتقدون القدرة على قراءة الواقع الاقتصادي والبيانات المالية للشركات التي استثمر فيها وذلك يجعله أكثر عرضة للخسائر.
ويمكن القول إن الاستثمار المؤسساتي يعتبر إلى حد ما أحد الضمانات التي تمكن صاحب المال من تحقيق عوائد مالية، ولكن ذلك لا ينفي التعرض أيضا للخسائر.
فالربح والخسارة عنصران أساسيان في دينامكية عمل أسواق المال، وهو ما يدفع الاتجاه إلى عدم وضع جميع البيض في نفس السلة خوفا أن تكسر جميعها وحينها يومض فتيل الثروة وميض الخمول، ويبقى المستثمر في لوعة وندم لها انعكاساتها الصحية أيضا، وكم من مستثمر حول العالم كانت نهايته تراجيدية بالمفهوم الإغريقي للكلمة وهو يرى ماله قد تبخر وأحلامه تحولت إلى سراب.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال