الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إلى عهد قريب، لم نكن نسمع إلا عن نوع واحد من التجمعات البترولية، ويطلق عليه اليوم مجازيّا البترول التقليدي، نسبة إلى سهولة إنتاجه وتدني تكلفته في أغلب الأحوال. ومع ارتفاع سعر وحدة القياس، وهي البرميل، ووصول إنتاج معظم الحقول إلى الذروة، التفت المستثمرون إلى أنواع أخرى من المصادر البترولية المعروفة لدى الجيولوجيين ومهندسي البترول سلفا. فمنها ما هو في باطن الأرض، بعمق البترول التقليدي، ولكنه محبوس داخل مسام الصخور غير المنفذة. أي داخل غرف ميكروسكوبية غير متصلة ببعضها. ويحتاج إنتاجه إلى عملية التكسير الهيدرولوكي، عن طريق ضخ كميات كبيرة من الماء تحت ضغط كبير، أو أي طريقة تؤدي الغرض نفسه، تحدث شقوقا في بطن الصخر الذي يحمل البترول لتسمح لجريان السوائل البترولية باتجاه البئر. وهو ما يطلق عليه اليوم البترول الصخري، أو غير التقليدي. كميات إنتاجه قليلة وتكلفته مرتفعة. ونوع آخر من الصخور البترولية توجد في حالة صلبة فوق سطح الأرض، وتسمى الصخر البترولي (عكس البترول الصخري)، وتوجد منه كميات كبيرة في الأردن. تلك الصخور تحمل مادة بنسبة 10 في المائة من حجمها تسمى “كيروجين”.
ويتم فصل مادة الكيروجين وتحويلها إلى بترول عن طريق التسخين عند درجة حرارة عالية. والنوع الثالث من مصادر البترول غير التقليدي يسمى الرمل البترولي, ويشبه وجوده وطبيعته وطريقة إنتاجه الصخر البترولي الذي ذكرناه آنفا. ويوجد معظمه في منطقة ألبرتا في كندا. كما أن له وجودا في فنزويلا، ولكنه في الغالب تحت سطح الأرض بعشرات ومئات الأمتار، مما قد يزيد من صعوبة الإنتاج ويرفع من التكلفة. وكلاهما، الصخري والرملي، ينقل من موضعه بواسطة عربات نقل (قلابيات) إلى معامل التسخين لتحويل الكيروجين إلى بترول. وهناك نوع من البترول، أيضا معظمه في فنزويلا وعلى أعماق مختلفة، يتميز بكثافته العالية التي لا تسمح له بالجريان تحت الظروف العادية، بل يحتاج هو الآخر إلى تسخين أو خلطه بمواد بترولية خفيفة. ويؤكد المتخصصون أنه بالإمكان استكشاف كميات إضافية كبيرة من المواد الهيدروكربونية في أعماق البحار والمناطق المتجمدة. ويقدر احتياطي هذه الأنواع من البترول غير التقليدي، المعروف الذي لم يكتشف بعد بالتريليونات من البراميل، التي لا يهمنا اليوم دقة أرقامها. ولكنها حتما ستظل تمد العالم بكميات متواضعة من البترول المكلف لأكثر من قرن. ويتحدث البعض عن مستقبل “البترول الحيوي”، وهو الذي يتم إنتاجه من النبات. ومن المحتمل ألا يتوسع إنتاج هذا النوع؛ لكونه يستهلك كميات هائلة من الماء، ويحتاج إلى طاقة كبيرة، ناهيك عن منافسته لغذاء الإنسان.
العامل الأكثر أهمية هو نسبة ما نستطيع إنتاجه من مختلف التجمعات البترولية. ونظرا لسهولة الإحاطة بالصخر البترولي والرمل البترولي الموجود فوق سطح الأرض، فإنه بالإمكان استخراج، تقريبا، كامل المخزون البترولي من الصخور والرمال الحاملة له. أما ما هو تحت أعماق الأرض فهو موضوع آخر، حيث إن إنتاجه يخضع لقوانين طبيعية وفيزيائية وكيميائية لا نستطيع التحكم فيها كلها عن بعد. ففي حال البترول التقليدي، على سبيل المثال، وهو يوجد داخل قبب معلومة الحجم والحدود والخواص الصخرية، تتراوح نسبة الاستخراج في الغالب بين 35 و50 في المائة من المخزون البترولي داخل مسام الصخور. وما لا نستطيع إنتاجه بالطرق التقليدية والمطورة يظل في مكانه إلى الأبد، نظرا لاستحالة الوصول إلى الصخور الحاملة للبترول ونقلها إلى السطح، كما هي الحال مع الفحم الحجري الذي هو قريب نسبيا من سطح الأرض. ومع استخدام طرق إنتاج خاصة ومكلفة في الوقت نفسه، من الممكن رفع نسبة الاستخلاص في بعض الحقول إلى نسب أعلى. وهذا خاص بالبترول التقليدي الذي يمدنا اليوم بما يزيد على 80 في المائة من الاستهلاك العالمي. أما فيما يتعلق بإنتاج مخزون البترول الصخري الموجود داخل مسام صخرية مغلقة، فليس بالإمكان تحديد نسبة الاستخلاص لعدة أسباب، منها صعوبة وربما استحالة معرفة كمية الاحتياطي لعدم إمكانية تحديد حدوده الجيولوجية.
وثانيا، لكل بئر إنتاجها الخاص الذي يأتي عادة من منطقة صغيرة محيطة بها بفعل عملية التكسير التي يتراوح مداها بضع عشرات من الأمتار حول البئر, ومن المؤكد بقاء مساحات واسعة بين الآبار لم تتأثر بعملية التكسير فتظل غير متصلة بأي منها. وتكون البترول الصخري له صفة خاصة، فهو يوجد في الأماكن أو الصخور التي ترسب بها أصلا، بينما معظم الترسبات البترولية التقليدية تكون قد هاجرت من مكان تكوينها إلى المصائد أو المكامن التي نجدها فيها اليوم؛ ولذلك فإن الصخور الحاملة للبترول الصخري تكون في الغالب أفقية ول
يست بالضرورة مقوسة. وهذا يجعل تحديد حجمها شبه مستحيل، إلا بعد حفر أعداد كبيرة من الآبار، وهو أمر لا تستدعيه الضرورة. وتقدر إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية، حجم احتياطي البترول الصخري حول العالم الذي من الممكن إنتاجه بما يقارب 350 بليون برميل. وبناء على ما ذكرنا آنفا، فإن هذا الرقم قد يزيد أو ينقص بنسبة 30 إلى 40 في المائة على أقل تقدير.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال