3666 144 055
[email protected]
أعاد مشروع المخطط العام والملامح الرئيسية لمشروع وسط جدة الذي اطلقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان امس، وهج وحيوية ونشاط عروس البحر الأحمر جدة من جديد بعدما افتقدته منذ سنوات، وحتى ثوبها الذي كانت ترديه أصبح قديما ومهترئا وألوانه باهتة ولا يتناسب مع إيقاع العصر الذي تعيشه معظم المدن العالمية.
جدة شابت وهي لا تزال في عمر الربيع، وفي فترة من الفترات فقدت ذاكرتها وأصبحت عجوز وكادت تفقد جمالها، لم تكن لجدة هوية واضحة هل هي مدينة سياحية، ام أنها مدينة تجارية وصناعية، او انها مدينة ترفيهية، وهل هي بوابة الحرمين الشريفين؟، بصراحة لم تكن عروس البحر الأحمر أي من تلك المسميات بمعناها الصحيح، ضيوف الرحمن كانوا يطلقون على جدة بوابة الحرمين، وعشاق البحر اطلقوا عليها مدينة سياحية، وأصحاب الشركات يرونها مدينة تجارية، أما الترفيه فظلت جدة اكثر المدن سهرا حتى الفجر.
ويدخل صندوق الاستثمارات العامة كلاعب محترف يقتنص الفرص الاستثمارية، يمتلك مهارة متى يدخل وأين يضخ استثماراته، وهذه المرة من خلال المخطط العام لمشروع وسط جدة، لم ينفرد صندوق الاستثمارات العامة بمفرده بل، ادخل معه مهاجمين أخرين وهم مستثمرين من داخل السعودية وأيضا من الخارج، هذا يعني أن المشروع الذي سيتم تنفيذه هو مشروع استثماري عالمي. ويتضح من المخطط انه يهدف الى زيادة عدد الزوار والسياح لمدينة جدة على مدار العام، واستغلال الفرص فيها، وتنويع الفعاليات الثقافية والفنية والبرامج السياحية والترفيهية، المشروع الي سيكلف 75 مليار ريالـ ويتوقع أن يستقطب نحو 100 مليون زائر بحلول 2030 من بينهم زوار من الخارج والداخل، وسيوفر القطاع السياحي مليون فرصة عمل فرص، ويرفع من مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10 في المائة.
مشروع وسط جدة، يتحدث عن مرحلة جديدة لمدينة جدة لـ 100 سنة مقبلة، بعدما أمضينا فترة لم نتمكن من استغلال ما كان موجود، فتحولت الأحياء الى عشوائيات نتيجة إهمال الجهات الحكومية في تقديم الخدمات وتسهيل الإجراءات، فتحولت الطرقات والشوارع والأحياء الكثير منها تعيش في ظلام معتم، ولا زلت أتذكر تصريح أمينها صالح التركي في سبتمبر 2018 في افتتاح ملتقى رسم الهوية المعمارية والحضارية حيث طرحت عدة أوراق عمل من اجل تحديد ملامح جدة المستقبلية، حينما قال أمين جدة في سياق كلمته جدة اليوم بها ما لا يقل عن 60 حي عشوائي و80 في المائة مبانيها مخالفة للأنظمة وبها 850 الف حفرة تستوجب الإصلاح في المرحلة الأولى فقط، بها 90 الف بيارة مفتوحة، المستنقعات والبعوض يغزو جدة حاملا حمى الضنك.
اليوم بعد اربع سنوات يخرج لنا مشروع ولي العهد لتطوير وسط جدة، لينقل هذه المدينة من الإهمال الى صناعة العلامة التجارية لهذه المدينة، فماذا يحمل مشروع وسط جدة، من اهم ملامح المشروع انه سيجعل من مدينة جدة وجهة عالمية، مستندا على أربعة معالم رئيسية وهي دار أوبرا، وبالتالي هذا يعني أن العروس ستشهد احتفالات موسيقية لكبار الفانين والعازفين والفرق الموسيقية العالمية، والأمر الأخر إنشاء متحف، وجدة بحاجة بالفعل لمتاحف بطراز عالمي، يحكي قصص عديدة ومختلفة لهذه المدينة، وربما نرى متاحف عالمية مثل الشمع، وأخرى عن الصيد وغيرها من الثقافات التي لا أحدا يعرف عنها سوى أهلها. ومن ضمن المعالم الرئيسية أيضا الأحواض المحيطية والمزارع المرجانية، وإنشاء إستاد رياضي، سوف يدفع سلطات الرياضة الى استضافة الفعاليات المحلية وتنظيم مباريات عالمية أو نهائيات لبطولات تحقق مشاهدة عالية وتستقطب جمهور محلي وخارجي، المشروع سوف يساهم في تطوير اكثر من 10 مشاريع مثل الترفيه والثقافة والرياضة والسياحة، ويدعم المشروع بناء 17 الف وحدة سكنية، وفنادق تضم اكثر من 2700 غرفة.
إعلان مشروع وسط جدة جاء في وقته المناسب، لان جدة كانت بحاجة الى مشاريع ضخمة متنوعة، وتوقظها من سباتها العميق، ومن المفرح أن المشروع سينفذ على 3 مراحل تكتمل الأولى نهاية 2027، ويقع على مساحة 5 مليون و700 ألف متر مربع ويقع في قلب مدينة جدة، ما يميز المشروع انه سوف يستفيد من الواجهة البحرية بشريط مائي طوله أكثر من 9 كيلو مترات، وإمكانية استقبال اليخوت في المرسى الذي سيتم إنشاءه، وشاطئ رملي على سواحل البحر الأحمر.
صندوق الاستثمارات العامة يمتلك حاليا من الخبرات في كوادره الذين يديرون الاستثمارات، وتجاوز مرحلة التجربة الى عصر الاحتراف الاستثماري، فمشروع وسط جدة صمم وفق أحدث التقنيات واعلى معايير الاستدامة والمحافظة على البيئة، فضلا عن إنشاء مركز للبحوث والدراسات.
أهالي جدة على موعد جديد لدخول شركات جديدة الى مدينتهم وفرص استثمارية واعدة، وبالتأكيد مثل هذه المشروعات تحرك قطاعات اقتصادية مختلفة، وتنتعش المدينة الصناعية وحركة النقل، وقطاع الفندقة والسياحة، وتخلق فرص عمل واعدة للشباب من الجنسين، بالتأكيد مع الحفاظ بالثقافة الأصلية لسكان جدة، وحرص القائمون على المشروع أن تكون التصاميم مستوحاة من العناصر والمكونات المعمارية الأصلية لعروس البحر الأحمر، واشترك اكثر من 500 مهندس واستشاري في إعداد تصاميم المشروع، منهم خمسة من افضل دور الخبرة في العالم المشروع الضخم سيمنح خيارات أمام المجتمع في قطاع البيع بالتجزئة وفرص لقيام مشاريع للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
الحراك التنموي الذي أطلقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مختلف المدن السعودية دون استثناء، هو أكبر رد لكل من يحاول التقليل من برامج ومبادرات رؤية 2030، لأن هذه المبادرات خلقت أو وجدت لنراها وليس لنسمعها وهي شاملة لمناطق المملكة، وهذا ما يحرص عليه صندوق الاستثمارات العامة وغيرها من الهيئات والجهات المنفذة للمشروعات التنموية.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734