الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سعادتي لا توصف وأنا أقرأ أسبقية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للجميع في شكره لخادم الحرمين الشريفين في موافقته الكريمة على مشروع نظام الاثبات، المشروع الذي يعتبر إحدى أهم المشاريع التشريعية التي يشرف عليها سموه. وكأنني أستشف فرحته بالرسم العالي السامي بالموافقة على إحدى نتائج حراك سموه والتي يرعاها بصفة شخصية وخاصة ويتابع فيها كل صغيرة وكبيرة.
وبحكم عملي السابق عضواً في السلك القضائي والتي ناهزت 14 سنة كم كنت أطمح لمثل هذه المشاريع الجبارة التي ترسّي أصول العمل القضائي على رؤية واضحة وتؤسس لاجتهادات راسخة منطلقة من أرضية صلبة.
التقيت بالكثير من القضاة والمهتمين بالشان القانوني من خارج المملكة وكانت تداعب أفكارهم وأحاديثهم وطموحاتهم مثل هذه المشاريع التشريعية في بلدانهم، ويغبطوننا على ما يسمعونه منا ونحن نتحدث بفخر عن مشاريع جبارة في المملكة العربية السعودية برعاية ولاة أمرنا، تؤسس لقضاء أكثر حداثة، وأكثر تفاعلاً مع المستجدات الحضارية العالمية، وما يستجد فيه من تقدم العلم والأدلة والتقنيات والتطورات التكنولوجية الهائلة ومايرتبط به من نماء الاقتصاد وتوسعه.
يكثرون الحديث عن أهمية مثل هذه المشاريع التقنينية الناضجة، وأهمية التأصيل للأطر القضائية العامة والقواعد الكلية قليلة الخوض في التفاصيل المرهقة والمبعثرة تلافياً لسلبيات التفاصيل وثغراته وصعوبات توليفها من المستجدات المجتمعية، لما يرونه من أثر يرسي أصول القضاء وترسخ تطبيقاته وتبرزها للقياس والملاحظة والاستدراك.
الاثبات هو نواة القضاء الصلبة والقاضي أسير الأدلة – كما يقال في القضاء-، ومن الضروري أن يكون المجتمع والقضاء على وضوح في مثل هذه الأسس.
هذا المشروع أسميه مشاريع النهضة القضائية والتي يرجى أن تكون انطلاقة وممهدة لواحد من أكثر الأنظمة القضائية حداثة ومرونة في العالم والمعتمدة على إرثنا العظيم المستمد من الشريعة الإسلامية، والذي مازال بدعم ولاة امرنا يثري الحضارة الإنسانية بالمزيد من الإبداع.
نحن ننطلق حضارياً في القضاء بوجود أمثال هذا الأمير الناهض الشاب المليء بالحيوية والمتخرج من رحم القضاء والقانون، ولا شك أن ابن القانون هو الأعلم بدهاليزه وما يطلق شرارة ابداعه.
ونحن نرى هذه اللجان التشريعية التي يشرف عليها سموه أتلمس حرص سموه على إنضاج هذه المشاريع برأي الخبراء، والذين من المؤكد أنهم اختيروا بعناية تحت نظر سموه ليهتموا بأعظم المشاريع التشريعية التي تتدفق في الجسد القضائي بسهولة ويسر وتأخذ وقتها الكافي في سريانه، ليسهل استيعاب القضاء والقضاة لهذه التغييرات النهضوية.
وأتلمس حرص سموه على أن تأخذ هذه المشاريع الوقت الهادئ والكافي للدراسة والتمعن وطول البال في دراسة آثارها وهذا من توفيق الله له في هذه النظرة المقاصدية والمآلات الاستراتيجية بعيدة المدى.
وبحكم خبرتي القضائية أدرك أن مشاريع التقنين من المشاريع الضخمة الصعبة والتي ليس من السهولة طرحها بسرعة دون تأمل الواقع والعقبات والطموحات والآثار التي تتسبب فيها في المجتمع شرعياً واجتماعياً واقتصادياً والتأثير على المراكز القانونية والآثار السابقة للأوضاع القانونية السابقة.
مازال سموه يتحفنا بكل مايبهج الخاطر، ونسأل الله عزوجل أن يجعل مايقوم به ابتغاءاً لمرضاته، ومن الإحسان في الأرض وأن ينعم بها البلاد والعباد نشراً للعدالة وتبشيراً بسماحة الإسلام وعدالته، وأن يعين سموه بكل خطوة يخطوها ويجعلها خيراً وتوفيقاً لبلاد تسكن في قلوبنا، وكيان يختلط في مشاعرنا تستحق الكثير والكثير من مثل هذه المشاريع النهضوية.
واذا كان لي من اضافة في هذا المقام، فهنا نشير الى ان نظام الإثبات هو أحد 4 أنظمة أعلن عنها سمو ولي العهد في وقت سابق ضمن جهود المملكة في إصلاح القضاء وتطوير بنيته. وتتلخص الأنظمة الاربعة في: نظام الأحوال الشخصية ونظام الإثبات ونظام المعاملات المدنية ونظام العقوبات. ويعدّ استحداث نظام خاص بالإثبات، نقلة نوعية في مجال القضاء نظراً لأهمية الأدلة في أي نزاع قضائي، وأثره على الأحكام القضائية.
ووجود نظام واضح للجميع، سيساعد في استقرار الأحكام القضائية، بل وإمكانية التنبؤ بها، وبما ستعتمده المحكمة من أدلة للإثبات ويزيد من الثقة والاطمئنان في الالتزامات التعاقدية، إلى جانب تسريع الفصل في المنازعات.
والنظام سيعزز العدالة الوقائية، بوضعه قواعد محددة للإثبات، يعتمد عليها الأفراد والقطاع التجاري في توثيق العقود والتصرفات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال