الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
خلال العقدين الماضيين كان السبب الأبرز في انتهاك حقوق عملاء البنوك هو ضعف مستوى فهم العميل للتعاملات المصرفية وعدم إدراكه لقيمته الفعليه كونه الطرف الأخرالمقابل للبنك، له حقوق مشروعة وعليه واجبات يجب أن يلتزم بالوفاء بها، فالبنوك لا تقدم منتجاتٍ تمويلية مجانية ولا تهدي ضمانات ائتمانية، تمادت المؤسسات البنكية في غيها مستغلةً جهل العميل بالأنظمة التشريعية التي تحكم علاقة البنك بالعميل وتنظم تبادل حفظ الحقوق مقابل أداء الواجبات لكلا الطرفين المتكافئين قانونياً، نعم تمادت هذه البنوك حتى همشت دور العميل إلى أن أصبح محصوراً في أن يُقدِم ويُحِضر ويسدد ويتجاوب مع كل ما يطلب منه دون نقاش أو جدال. قبل سنواتٍ ليست بالبعيدة كنا نرى ذلك البنك المحلي بكل بجاحة يرفض فتح حساب لعميل جديد دون ايداع مبلغٍ ماليٍ محترم، وكنا نسمع أيضاً أن البنك لا يُصدر بطاقة صراف جديدة من خلال فرع أخر لنفس البنك إلا بعد دفع رسوم معينة فشريعة البنك لا تجيز لك أن تتصرف في أموالك دون أن تقايضك، بل بَلغ الابتزاز ذروته حين كان البنك يفرض ضريبة همجية عليك فور تدنى رصيدك عن مستوى معين خلال الشهر، فعين البنك العوراء تراك لا تستحق الحيز الذي تشغله في دارهم.
ومؤخراً بحمد الله انتهت مرحلة جيل أولئك العملاء المغيبين فكرياً وأشرقت شمس الجيل الأكثر نضوجاً وعلماً، فسادت وانتشرت ثقافة الحقوق، وكانت أولى المطالبات بأن يحترم البنك عقول العملاء وأن يتحدث معهم بلغة المال والأعمال الواضحة والمباشرة، الخالية من الاحجيات المعقدة والنقية من ألغاز التضليل. ومن المطالبات أيضاً أن تحدَث وتُفعل الأنظمة وتفرض معايير الالتزام بتطبيقها حتى نقضي على جميع الانتهاكات لحقوق العملاء وينتهي مسلسل اجحاف البنوك بحق عملائهم في زمنٍ تقدم فيه البنوك الشرقية في الظروف الاقتصادية العادية فوائداً وأرباحاً سنوية على الحسابات الجارية أولاً ومن ثم حسابات الودائع. إن التهابات الشجع ونهم الربحية وجنون الفائدة قد نخر عظم هذه البنوك وفتك بجسدها الذي نبت من السحت، وحتى تعود لسابق صحتها فيجب كيَها رأسها واستئصال ما فسد منها.
وقد يسأل أحدنا ويقول من المسئول ومن أوصل البنوك إلى هذه المرحلة؟ أصابع الاتهام تتجه نحو الجهة المخولة بتشريع أنظمة النقد والتعاملات البنكية. وينبغي القول هنا من باب إحقاق الحق إن هذا المشرع الحكومي لا يملك صلاحيات تنفيذية لتطبيق أي عقوبة على أي مصرف خرق الأنظمة وتحايل واحتال على عملائه لأن الحلول التي يمتلكها للفصل في أي نزاع هي الطرق الودية الحنونة، وبذلك لا يكون أمام العميل المتضرر لاسترجاع حقوقه سواء القضاء، والقضاء قد يؤتي ثماره بشرط أن تنطق الدوائر القضائية بالحكم قبل أن تجفف مكاتب المحاماة مواردك المالية فتعود بخفي حُنين.
كل مكونات البيئة البنكية لدينا تحضر وتغيب إلا حقوق عملاء البنوك فهي لا تزال في غيابها الذي لم يسبق له حضور. فيما مضى غاب وعي العميل فضاعت الحقوق وحالياً حضر وعي العميل ولاتزال حقوقه غائبة، وحتى تعود تلك الحقوق سنستمر في تشخيص المشكلة بـ (أزمةٍ حقوقية).
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال