الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كاتب اقتصادي
@A_ArRasheed
تضمنت المراسيم والبيانات الصادرة بشأن الميزانية الحكومية للعام المالي 2016م، جملة من المعلومات والبيانات التي تستحق الدراسة والتحليل رغم عموميتها وعدم التفصيل فيها، ومما استوقفني من تلك المعلومات ما جاء في بيان وزارة المالية من أن الإيرادات الحكومية غير البترولية ارتفعت بما نسبته 29%، حيث ارتفعت من 127 مليار عام 2014م إلى 164 مليار عام 2015م، وكان مصدر جزء كبير من تلك الإيرادات من المواطنين الأفراد ومؤسسات القطاع الخاص. وقد شكلت تلك الإيرادات ما نسبته حوالي 31% من إيرادات الحكومة في عام 2015م.
وبالنظر إلى الإيرادات لعام 2016م، والتي قدرت بمبلغ 608 مليارات، مع زيادة في الإيرادات الحكومية غير البترولية الناتجة عن قرارات رفع الرسوم على المنتجات البترولية والمياه والكهرباء والغاز، ما يعني زيادة متوقعة في مقدارها بالمطلق، وزيادة نسبتها من الإيرادات الكلية للحكومة في 2016م.
وهذا يعني أن ميزانية 2016م سيكون لها تأثير مختلف عن ميزانيات السنوات القليلة الماضية من جهة الدور التوزيعي الذي ستؤديه. فإن كانت الميزانيات السابقة تؤدي إلى توزيع دخل البترول (دخل من الخارج) على قطاعات الاقتصاد وأفراده ومؤسساته من خلال أوجه الإنفاق الحكومي، فإن ميزانية هذا العام تتضمن دورا أعمق في عملية التوزيع حيث أنها في الحقيقة تتضمن في جزء كبير منها عملية إعادة توزيع، فالإيرادات الحكومية غير النفطية (ومنها زيادات الرسوم الجديدة) تؤخذ من الداخل ويعاد إنفاقها في الداخل، وهذا يعني أن الأثر التوزيعي لميزانية هذا العام سيكون أعلى، وسيكون شعور المواطنين به أكبر.
ولذلك فإن العناية بأوجه الإنفاق لا بد أن تتضاعف، وأن تأخذ الخدمات المباشرة للمواطنين وخاصة أصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة نصيب الأسد، فالمواطن سيشعر بلا شك بانخفاض دخله الحقيقي مع زيادة الأسعار لبعض المنتجات بشكل مباشر وزيادة أسعار منتجات أخرى بشكل غير مباشر مع ارتفاع تكاليف الطاقة والنقل والتبريد وغيرها. ولا بد أن يشعر في مقابل ذلك بتحسن ملحوظ في الخدمات التي يتلقاها مثل الصحة والتعليم والخدمات البلدية والنقل العام، بالإضافة إلى ضرورة دعم التحويلات المباشرة للمستحقين من الفقراء ومستحقي الضمان الاجتماعي.
إن دور الإيرادات الحكومية غير النفطية والإنفاق الحكومي في إعادة توزيع الدخل والثروة بين أطراف المجتمع دور كبير خاصة في مثل هذه الظروف، ولئن لم يكن التوزيع الأمثل أحد الأهداف المباشرة للميزانية، فإنه ينبغي الحرص والتأكيد على أن لا تكون أداة لتعزيز سوء التوزيع، فتزيد من اتساع الفجوة بتحويل الأموال من أصحاب الدخول الأدنى إلى أصحاب الدخول الأعلى في المجتمع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال