رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
في معظم علوم الادارة يتم التركيز كثيرا على دور المدير في تحفيز موظفيه للرفع من ادائهم ودفعهم لتحقيق أفضل النتائج العملية والشخصية. غالبية نقاشات التحفيز تنظر له من جهة المدير وتغفل بشكل كبير الطرف الاخر اي الموظف واختلاف تقبل التحفيز من موظف لآخر. من جهة أخرى يتم بشكل خاطيء حصر التحفيز بأساليب كلامية أو مالية أي أن تشجع الموظف لترفع من روحه المعنوية او أن تغدق عليه الأموال ليكون ذلك دافعا له لتطوير نفسه وتحقيق نتائج أفضل، وهي أساليب تقليدية لا أرى أنها كافية في عملية التحفيز الوظيفي.
في اعتقادي أنه يمكن تقسيم الموظفين الى ثلاثة أنواع : موظف يبحث عن التحفيز وآخر مستعد لتقبل التحفيز وثالث مقاوم لكل أنواع التحفيز. النوع الأخير أعتبر أي محاولة لتحفيزه إضاعة للوقت والجهد بل قد تكون نتيجتها سلبية على من يحاول أن يحفزه. عند أي محاولة سيذكر كل السلبيات السابقة والحالية التي تؤثر عليه وعلى عمله، وسيردد بشكل تلقائي العوامل التي ستفشل أي مشروع مستقبلي وهو جاهز دوما بلائحة طويلة من الأعذار والتبريرات التي يعتبرها بكل تأكيد خارجة عن ارادته. بالإضافة الى ذلك فهو مستهدف من الجميع وحظه سيّء مع أنه يفهم في كل شيء. باختصار أي محاولة ايجابية معه لن تجدي نفعا والأفضل تركه في منطقته النفسية دون محاولة دفعه للخروج منها.
الموظف المستعد لتقبل التحفيز سهل التعامل معه. من صفاته أنه يركز في عمله وينجز المطلوب منه بكفاءة لكن التميز عنده ليس أولوية وقد لا يلاحظ أصلا أنه صاحب مؤهلات تسمح له بالتميز. هذا الموظف اذا تمت ادارته بشكل جيد يمكن إخراج أفضل ما عنده وتطوير قدراته بشكل كبير. التحفيز هنا لا أقصد به تشجيعه وشكره لرفع معنوياته ولا التحفيز المالي. هذا الموظف بحاجة الى لفت نظره باستمرار الى ما يمكن أن يحققه وإلى الوضع الذي يمكنه أن يكون عليه بسبب القدرات الموجودة لديه. موظفون كثر من هذا النوع بحاجة الى ارشادهم مثلا الى أشخاص ناجحين يمكن مقارنة أنفسهم بهم وتقوية ثقتهم بأنفسهم لجعلهم يطمحون للوصول الى مستوى أولئك الأشخاص. الإكثار من إعطاء أمثلة عن موظفين سبقوهم وحققوا نجاحات معينة وكانت لهم بدايات تشابه بدايات الموظف مفيدة جدا لخلق الحافز في مخيلته. قد لا يضع الموظف لنفسه هدفا مستقبليا يسعى للوصول اليه، لذلك فإن بناء الهدف وتنميته لدى الموظف هي من مسؤوليات المدير التحفيزية. سيحتاج المدير أن يجرب عدة طرق تحفيزية مع كل موظف إلى أن يجد أن إحداها تركت الأثر المطلوب فيبدأ بتنميتها لدى الموظف بشكل مستمر. مع الوقت سيتكون الهدف الشخصي في ذهن الموظف وسيعمل بكل جهده للوصول لذلك الهدف.
أصعب أنواع الموظفين هو ذلك النوع الذي لا يمكنه أن يعمل بدون حافز. هو بنفسه يبحث عن وضع أهداف وحوافز لنفسه قد يكون بعضها صعبا أو سابقا لأوانه. يصعب التعامل مع هذا النوع لأن إنتاجيته ممكن ان تكون في أعلى مستوى عند وجود الحافز المقنع له وقد تنخفض إلى الصفر اذا لم يجد حافزا أو حتى اذا لم يعد مقتنعا بالحافز الموجود لديه. اذا صادفتم موظفا يتقلب أداؤه من ممتاز الى سيّء وبالعكس فالسبب هو الحافز وأنه يبحث دائما عن حافز مناسب ومقنع بالنسبة له. مهمة المدير في التعامل مع هذا الموظف شاقة جدا، فهو بحاجة إلى خلق الحافز وادارته ثم التأكد من استمرار اقتناع الموظف بالحافز وإمكانية الوصول إليه. البعض يعتبر هذا الموظف مزاجيا ولكنني لا أرى أن المزاجية هي من يتحكم بأداء الموظف بل الحافز. أفضل طريقة للتعامل معه، وهي شاقة كما ذكرت، هي محاولة خلق عدة حوافز له لفترات متعددة بحيث أنه حتى لو غير رأيه بحافز معين فإنه يمكنه النظر الى الحوافز الأخرى والاستمرار بالعمل بدلا من التوقف للبحث عن حافز جديد. نسبة النجاح ليست كبيرة جدا في كل الأحوال ولكن تستحق المحاولة.
المدير قبل كل ذلك عليه أن يدرك أن من واجباته الأساسية تحفيز الموظفين وإدارة التحفيز لديهم. قلنا أن التحفيز ليس كلاما عابرا ولا أموالا تُدفع وينتهي الموضوع، بل هي عملية معقدة تحتاج للإدارة والمتابعة بشكل مستمر. بالإضافة الى ذلك فإن المدير عليه أن يدير عمليات التحفيز وجها لوجه مع كل موظف وليس على الورق. كل موظف حالة خاصة والحافز الذي يحتاجه مختلف عن الآخرين وفهم هذه النقطة أهم عامل في نجاح التحفيز والحصول على النتائج المطلوبة.
أما اذا كان المدير نفسه في الأساس موظفا من النوع المقاوم للتحفيز، فالأفضل ان لا يقرأ هذا المقال.