الثلاثاء, 30 يوليو 2024

بنوك أوروبية: حسابات 190 من أثرياء العالم تتعرض للقرصنة

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

اثرياء

كشفت مصارف أوروبية بأنها تعرضت لعمليات قرصنة مالية لـ 190 من أكبر عملائها من أصحاب ثروات المليارات، وخلال أسبوع واحد أفلح القراصنة في سرقة مئات آلاف من الدولارات من حسابات مصرفية في إيطاليا وتركيا.

ووفقا لصحيفة “الاقتصادية” سارعت المصارف باستدعاء عدد من كبريات الشركات الدولية العاملة في مجال أمن أنظمة المعلومات، فاجأتها الإجابة التي حصلت عليها من المختصين، واعتبرتها نذير شؤم حول ما يمكن أن تواجه مستقبلا، ومؤشرا على أن حرب القراصنة الإلكترونيين دخلت مرحلة جديدة.

اقرأ المزيد

الإجابة التي توصل إليها المختصون كانت باختصار: أن المهاجمين لم ينجحوا فقط في سرقة الأموال، بل الأكثر خطورة أنهم لم يتركوا خلفهم أثرا يدل عليهم.

وقال جون وليم، المختص في أنظمة أمن المعلومات “ما حدث من عمليات اختراق للمصارف التركية والإيطالية أخيرا يكشف أننا أمام مجموعة من المختصين والمحترفين على أعلى المستويات، فالأمر يتجاوز حدود سرقة عادية”.

وأضاف “إنها عملية منظمة للغاية، لا بد أن يشارك فيها محترفون، وتقديري الخاص أنه تم تجنيد أشخاص داخل تلك المصارف للمشاركة في هذه العملية”.

الصراخ من الخسائر الناجمة عن مثل تلك العمليات لم يكن مصدره فقط المصارف الأوروبية، وإنما أيضا المصارف الأمريكية، وكذلك صناديق التحوط.

فقد أعلنت صناديق تحوط أمريكية أنها خسرت ملايين الدولارات في الشهرين الماضيين من جراء تعرضها لهجمات قراصنة الكومبيوتر. بينما أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي أنه تعاون مع عشر دول لإلقاء القبض على شبكة من الروس نجحوا في سرقة 100 مليون دولار من حسابات مختلفة حول العالم.

وحول حجم هذه الظاهرة في الاقتصاد العالمي قال لـ “الاقتصادية” ديفيد ماركس، الباحث المختص بالتداعيات الاقتصادية للجريمة الإلكترونية “الجريمة الإلكترونية تكلف الاقتصاد العالمي نحو 400 مليار دولار سنويا في أقل تقدير، وبعض التقديرات تقفز بالرقم إلى 575 مليار دولار سنويا، أي ما يمثل نحو 0.8 في المائة من الاقتصاد الدولي”.

وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فقال “إن خسائرها السنوية تصل إلى 100 مليار إضافة إلى نحو 20 ألف وظيفة عمل، تمثل هذه الخسائر نحو نصف خسائر الاقتصادات الغربية”.

وتثير ضخامة هذه الأرقام جدلا في عديد من المجالات. فبعض المختصين بمكافحة الجريمة الإلكترونية يعتبرون أن النمط السائد لهذه الجرائم يعكس نوعا من الحرب الخفية بين الشرق والغرب، أو إذا جاز التعبير كما يقول لويز براون، أحد أبرز المختصين البريطانيين في هذا المجال، “إنها حرب بين الاقتصادات الناشئة والغرب”.

وقال المختص البريطاني “أغلب المصارف والمؤسسات المالية التي تتعرض للهجوم مقارها الرئيسي العواصم الغربية، وأغلب المهاجمين سواء من حيث نقطة الانطلاق أو الجنسيات يتمركزون في أوروبا الشرقية وروسيا والصين”.

وأضاف “الجريمة الكبرى كما أسميها هي عندما نجح عدد من الأشخاص في سرقة نحو 100 مليون دولار من مصارف مختلفة حول العالم، وهم من أصول روسية يقيمون في بريطانيا، فالمجموعات الجديدة التي تهاجم المصارف والمؤسسات المالية الغربية بالأساس هي مجموعات مدربة تدريبا عاليا”.

وأبدى اعتقادا جازما أن هذه المجموعات “تحظى بغطاء ما من الحماية أو غض الطرف عن إعمالها من قبل أجهزة أمنية دولية”، وقال “إنها حرب بين الدول ساحتها المصارف والحسابات المالية”.

ويعتبر لويز براون أن تصاعد نطاق الهجمات سيدفع البلدان الغربية وشركات الكومبيوتر إلى التخصص في مجال برامج الحماية، بينما ستشهد الاقتصادات الناشئة مزيدا من تراكم الخبرات في مجال القرصنة.

وتابع “ما سنشهده هو معكوس ما كان عليه الوضع خلال سنوات الحرب الباردة، فالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تخصصت في مجال الهجوم العسكري عن طريق إنتاج أحدث أنواع الطائرات، بينما تفوق الاتحاد السوفياتي السابق في مجال الدفاع الجوي، الآن نحن ننتج برامج حماية وهم يهاجمون”.

ورغم أن أغلب هؤلاء القراصنة يستهدفون المؤسسات المالية عامة، فإن الدكتورة جيما نايت، أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة ليدز، تعتقد أن الخطر يكمن في استهداف المصارف تحديدا.

وقالت رغم أن استهداف المؤسسات المالية عبر القرصنة الإلكترونية خطر عام، إلا أن استهداف المصارف أكثرها خطورة، فصناديق التحوط هي مؤسسات مالية مهمة، لكنها مؤسسات للنخبة وليست لعموم المواطنين”.

وأضافت “رغم امتلاكها المليارات فإن تعرضها للخسائر يعني إصابة عدد محدود من الأفراد الأثرياء، وحتى إذا فقدوا الثقة فيها نتيجة القرصنة الإلكترونية، فإن لديهم بديلا آخر هو المصارف”.

وتواصل قائلة، “أما بالنسبة للمصارف فالأمر مختلف تماما، فتلك مؤسسات مالية ذات طابع جماهيري، وفقدان الثقة فيها وسحب المودعين لأموالهم يعني انهيار النظام المصرفي، الذي يعد حلقة الوصل بين المدخرين والمستثمرين”.

ومع تزايد خطر القرصنة الإلكترونية تشهد البلدان الرأسمالية عالية التطور انتعاشا فيما يعرف بـ “التأمين ضد القرصنة الإلكترونية”، ويعد هذا النوع من التأمين هو الأسرع نموا بين أنواع التأمين كافة، وخلال العام الماضي نما بنحو 21 في المائة.

وبلغت قيمة الأقساط الشهرية لهذا النوع من التأمين في الولايات المتحدة -على سبيل المثال- 1.3 مليار دولار، بينما تستطيع بعض الشركات الحصول على تعويضات في حال تعرضها لخسائر ناجمة عن القرصنة الإلكترونية تصل إلى 300 مليون دولار.

ويعتقد البعض أن هذا الاتجاه سيأخذ في التصاعد في الفترة المقبلة مع تزايد الهجمات على المؤسسات المالية عبر الشبكة العنكبوتية، ومع تنامي الوعي لدى الأفراد والمؤسسات بخطورته.

ذات صلة

المزيد