الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نشر موقع صندوق المسؤولية الطبية في تكساس TMLT (في الولايات المتحدة) دراسة أجرتها جمعية أطباء التأمين الأمريكية (PIAA) حول سرطان الثدي (منشورة عام 2013) وخلاصتها أن أغلب الادعاءات المتعلقة بسرطان الثدي تشمل عدم التشخيص أو التأخر فيه أو الخطأ في التشخيص ذاته. ونشر الموقع حالة امرأة تبلغ من العمر 54 عاماً حين راجعت طبيب أسرة (عام 2007) لآلام تشكو منها في ذراعها الأيسر وصدرها وظهرها. وقد وجد الطبيب في تاريخها الصحي: إضافة إلى كونها مدخنة، أنها تعاني من ضغط دم ولديها ورم ليفي (ورم حميد) مع استئصال سابق للرحم. وبعد أخذ الأشعة لاحظ الطبيب وجود كتلة متحركة في الجانب الأيسر من الثدي الأيسر. واكتفى بهذا التشخيص الأولي، ثم أرشدها إلى مراجعة طبيب قلب للنظر في ألم الصدر.
فحصت المريضة عند طبيب قلب، بيدَ أنه استبعد أن يكون ألمها بسبب علة قلبية. ثم بعد شهر – وبالأشعة السينية – لاحظ أخصائي الأشعة وجود ورم غدي ليفي (ورم حميد) في الثدي الأيمن، مع وجود تكلسات دقيقة في الثدي الأيسر ( وهي من مؤشرات سرطان الثدي) وأشار إلى أهمية أخذ عينة منها لفحصها. وأمر هذا الأخصائي بإرسال الأشعة إلى طبيب الأسرة (المذكور أعلاه) وإلى المريضة، إلا أنهما ادعيا عدم استلامها.
وفي عام 2009، جاءت المريضة إلى غرفة الطوارئ (بعد ستة عشرة شهراً من التشخيص السابق) تشكو ألماً في صدرها مع ألم حاد في إبطها الأيمن، وقد أظهرت الاشعة السينية تليف في قاعدة الرئة اليسرى. وأُعطيت المريضة مسكنات ثم وُجهت إلى طبيب أسرة غير الأول لمتابعة حالتها. وبعد أسبوعين أمر الطبيب إجراء أشعة سينية للثدي ثم قورنت بالأشعة المأخوذة عام 2007 فوجدوا أن في الثدي الأيسر تكيّس، فوجّه بالمتابعة السريرية لمدة ستة أشهر. وبعد أشهر زارت المريضة طبيبها الأول الذي وجد ورماً سرطانياً في الثدي الأيسر مع بداية انتشار له. وأوصى باستشارة طب وجراحة الذي انتهى إلى إزالة الثدي الأيسر ثم ألحق به الأيمن للوقاية، وفقاً لتقرير الأشعة حيث أثبتت الفحوصات المأخوذة بعد العملية وجود خلايا سرطانية في كلا الثديين.
رُفعت دعوى قضائية ضد طبيب الأسرة الأول لعدم متابعة نتائج الأشعة المأخوذة عام 2007، وعدم إخطار المريضة احتمالية حدوث ورم خبيث، وعدم إيصال التقارير والنتائج في الوقت المناسب. وقد أشار الأطباء الخبراء الذين نظروا القضية بأن طبيب الأسرة الأول لم يُقدم متابعة مناسبة لنتائج الأشعة، ولم تكن هناك سياسة أو إجراءات للمستشفى لضمان إكمال الفحوصات التشخيصية في الوقت المناسب، والتأكد من حصول المريضة على النتائج لاستمرار المتابعة. ويرى فريق آخر بأن المريضة قد أهملت في المبادرة للكشف عن حالتها حيث لم تتابع نتائج التشخيص. واتفقوا على أن المريضة ستحقق نتائج أفضل لو لم تتأخر ستة عشر شهراً. كما رأوا أن أخصائي الأشعة لم يبذل جهداً كافياً للاتصال بالمريضة أو الطبيب للإبلاغ عن النتائج. وانتهت القضية بتسوية مالية لصالح المريضة على اعتبار أنها مسؤولية مدنية تقصيرية من الطبيب.
ومن القصة ندرك أثر غياب الحوكمة إذ عدم تنظيم تبادل التقارير بين الأطباء والربط بين أقسام المستشفى وعدم القدرة على التأكد من وصول الإخطارات؛ أدّى إلى تفاقم المرض إلى درجة إزالة ثديي المريضة. وقد كان من الممكن تفادي ذلك أو التقليل من آثاره لو كانت إجراءات الحوكمة مفعلة. ومما يمكن تطبيقه من إجراءات الحوكمة الصحية للحد من الوقوع في إهمال اكتشاف مرض سرطان الثدي، ما يلي:
أولاً: في ظل هذه المشاكل المتكررة والناتجة عن إهمال حوكمة عمل المنشآت الصحية؛ ينبغي الاهتمام بالسياسات الداخلية المنظمة لإجراءات متابعة الفحوصات التشخيصية واستلام نتائجها، وتحديد مواعيد تلك الفحوصات، ومراقبة سجلات المتابعة، وإجراء مكالمات تذكير بالمواعيد خاصة للمرضى الذين لا يحافظون على مواعيدهم المجدولة.
ثانياً: توثيق ما يتم مناقشته بين الأطباء ومرضاهم وتدوينه في سجل المريض، إذ يعد إجراءً مفيداً خاصة عند وجود شكوى. وينبغي أيضاً تدوين مناقشة المخاطر والفوائد وبدائل العلاج في ملف المريض. فهذه الطريقة تساعد في توثيق موافقة المريض المستنيرة وفهم خطة العلاج والفحوصات التشخيصية وجهود الطبيب في إبلاغ المريض.
ثالثاً: تفعيل التقنية في حفظ البيانات وسهولة الرجوع إليها والمساعدة في دقة الإجراءات، والتعرف على مواضع الخلل وحفظ حقوق الأطراف.
رابعاً: تفعيل تقنيات إدراة المخاطر التي من شأنها الحد من المسؤولية وتعزيز موقف الطبيب في الدفاع عن نفسه. إذ غياب مثل هذا الإجراء يؤدي إلى رفع مطالبات حول المسؤولية المهنية وحينها لا يمكن فحص مدى التزام الطبيب المهني، الأمر الذي يضعف موقفه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال