فول ستريت

للفول والفوال ارتباط قوي بيوميات المواطن السعودي وصباحاته السعيدة وإن يكن كغيره من الأطعمة كالشاورما والفلافل وحتى كبسة البخاري دخيل على المطبخ السعودي لعدة أسباب أهمها تدفق العمالة الأجنبية من أصقاع المعمورة بفضل الأمن والاستقرار ونهضة البترودولار وتأثيرها في نمط الحياة اليومي للمواطن.

ليس سراً أن نسبة لا يستهان بها من السعوديين يتناولون وجبة الإفطار خارج المنزل (لست بصدد مناقشة الأسباب) وأن للفوالين حصة الأسد من النقد المدفوع بشكل شبه يومي، لكن هل تعلم أين هو العلم الأحمر هنا؟

العلم الأحمر هو أن كذلك نسبة لا يستهان بها من الفوالين مسيطر عليها من المتستر عليهم وأنها تحقق صافي أرباحٍ خيالي بمصروفات بسيطة وأن لها شبكة عملاء متكررين بولاء لا يتزحزح ربما لعقود من الزمان لدرجة أن البعض منها يتسبب بازدحام مروري وخنق للطريق المجاور له خصوصاً بين السادسة والسابعة صباحاً في أيام الدوام الرسمي وأحياناً بعد الثامنة لحفنة (ابصم واهرب).

العلم الأحمر يا أخي في الله أن المليارات من الريالات في أدراج الفوالين تغادر المملكة سنوياً مع رائحة البصل وتصل إلى وجهاتها بطرق ملتوية وبتأثير اقتصادي كارثي، لكن كما يقول المثل الأمريكي: “هنالك شريف جديد في القرية” ألا وهو البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري. أنا لن أكون أفلاطونياً وأقول أن هذا البرنامج سيقضي على التستر بشكل تام لأن جذور التستر عميقة للغاية بل أقول أنه سيحد على الأقل منه ويتيح الفرصة للمواطن ليستثمر وينفق في بلده ولا يمكن لك أن تتخيل ما قد تحققه زيادة دورة الأموال في الداخل من تحسن للاقتصاد وخلق لفرص العمل ونهضة وازدهار.

ختاماً، نسمع في الآونة الأخيرة الكثير من الدعوات للاستثمار بالعملات الرقمية واقتحام “وول ستريت” بالاستثمار في السوق الأمريكي والرسومات البيانية والتحليلات من هنا وهناك، ومن هذا المنطلق اسمحوا لي أن أوصي صراحةً بالاستثمار في سوق “فول ستريت” الملياري بجوار منازلكم قبل عبور الأطلسي والمتوسط، قد أصيب أو أخطئ والله المستعان.