السعودية ومستقبل الصيرفة الإسلامية

عضو هيئة التدريس بقسم الاقتصاد الإسلامي-الجامعة الإسلامية

منذ التحاقي بقسم الاقتصاد الإسلامي قبل 4 سنوات لمواصلة الدراسات العليا كنت مهتماً بمتابعة المستجدات في الصناعة المالية الإسلامية؛ إلا أنني كنت أشعر بشيء من الغبطة والحسرة أيضا وأنا أرى أن جلّ مؤتمرات الصناعة المالية الإسلامية ومحافلها تعقد خارج المملكة.

ورغم حضوري لعدد منها؛ إلا أنني كنت أؤمل أن أرى ذلك اليوم الذي تتبنّى فيه مملكتنا الحبيبة -وهي التي أعزها الله ورفع شانها بوجود الحرمين الشرفين بها- الصناعة المالية الإسلامية.

كيف لا أرجو ذلك، والمملكة تتمتع بجميع المقومات التي تؤهلها لأن تكون عاصمة للصناعة المالية الإسلامية، بل وأن تقدم الأنموذج المثالي لذلك؛ نظراً لثقلها المالي، ووجود الفقهاء والمختصين، إضافة إلى إيمان الأفراد فيها بأهمية التزام الضوابط الشرعية في المعاملات.

وبحمد الله لم يطل الانتظار كثيراً. فخلال الأشهر القليلة الماضية عقدت في المملكة العربية السعودية عدد من المؤتمرات العالمية المعنية بالمالية الإسلامية. الجدير بالذكر أن جميع المؤتمرات شهدت حضوراً ومشاركة لعدد من أهم القيادات المؤثرة والمعنية بالشأن المالي والاقتصادي في المملكة.

ففي المؤتمر العالي الأول للمصرفية والمالية الإسلامية والذي عقد برحاب جامعة أم القرى شارك معالي الدكتور فهد بن عبدالله المبارك -محافظ مؤسسة النقد سابقاً- كمتحدث رئيس بالمؤتمر، فأكد خلال كلمته على إدراك مؤسسة النقد لأهمية المنتجات والخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، ومشجعا على التوسع في ذلك، وبعدها بأيام عقدت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالرياض مؤتمر أبحاث التمويل الإسلامي، وفيه أيضا شارك المبارك كمتحدث رئيس مشيداً بصيغ التمويل المتوافقة مع الشريعة الإسلامية كونها ترتكز على مبدأ الاستثمار في الأصول الحقيقية والمشاركة في المخاطر، مضيفاً أن دول العشرين الكبار تعتبر التمويل الإسلامي خياراً مثالياً لتمويل مشاريع البنية التحتية في العديد من دول العالم.

ازداد تفاؤلي برعاية هيئة السوق المالية لمؤتمر أيوفي العالمي والذي عقد بالمدينة المنورة مؤخراً، وقد حظي المؤتمر بمشاركة معالي الأستاذ محمد الجدعان- رئيس مجلس إدارة هيئة السوق المالية- والذي أكد على أن المملكة العربية السعودية بما حباها الله من مزايا متعددة أجدر وأولى بأن تكون عاصمة للصناعة المالية الإسلامية.

ثم كان ختام المسك تصريح معالي الدكتور أحمد الخليفي والذي صدر القرار الملكي الكريم بتعيينه محافظا لمؤسسة النقد، ليكون أول تصريح له: حرص مؤسسة النقد على تعزيز العمل المصرفي الإسلامي وفقاً لمتطلبات رؤية السعودية2030.

في الختام، ولتحقيق نتائج ملموسة، أنوه بما اقترحه سماحة الشيخ تقي العثماني- رئيس المجلس الشرعي لأيوفي- حيث اقترح في مؤتمر أيوفي والذي عقد مؤخراً بالمدينة المنورة:

“تشكيل هيئة تضم نخبة من العلماء والفقهاء ورجال القانون وأعضاء من الجهات الرقابية والإشرافية للنظر في الأنظمة والقوانين السائدة اليوم، والتي تعرقل الصناعة المالية الإسلامية وتقف أمام تحقيقها للنجاحات التي يؤمل لها، وإيجاد قوانين تؤهل الصناعة المالية الإسلامية للعمل لترجمة القيم السامية للاقتصاد الإسلامي”.

بتعفيل هذه الخطوة وترجمتها على أرض الواقع ستحقق الصناعة المالية الإسلامية تطوراً ملحوظاً، وستحقق المملكة العربية السعودية الريادة في هذا المجال.